تستطيع الحكومة ان تقدم الارشادات الصحية والوقائية لمكافحة وباء كورونا، ويمكنها ان تصدر التعليمات الوقائية واجبة الاتباع وتفرض الرقابة على تطبيقها ومعاقبة من يخالفها. وتملك السلطة القانونية لحظر حركة المواطنين وابقائهم قفي بيوتهم لفترات تقدرها.

لكن كل ذلك مما يمكن ان تقوم به الحكومة غير كاف لتحقيق السيطرة على الوباء والحيلولة دون انتشاره وتلافي اثاره البالغة ما لم يجد الاستجابة العالية المكملة من قبل المواطنين بصفتهم الفردية او كمسؤولين عن ادارة منشات القطاع الخاص.

ثقافة المواطنين وفي مقدمتها قدرتهم على تحمل مسؤوليتهم الشخصية والعائلية والمجتمعية تمثل العامل الحاسم في محاصرة الوباء ووقف انتشاره وابقائه ضمن دائرة السيطرة الى ان تتمكن صناعة الدواء من اكتشاف العلاج واللقاح اللازمين للفيروس. وفي الظروف الاستثنائية لا خيار لاحد في التخلي عن مسؤولياته.

الحكومة واجهزة الدولة كافة قامت بدورها الصحي في مواجهة الوباء على نحو عالي المستوى ابقى الوباء في دائرة السيطرة الى الحد الذي سمح باعادة الحياة الاقتصادية لممارسة معظم انشطتها والتحرير شبه الكامل لحركة المواطنين. والمنتظر الان ان تكون استجابة المواطنين في مختلف مواقعهم وتحملهم لمسؤولياتهم بمستوى اداء الحكومة.

ما ينعش الامل بالمزيد من تحمل المواطنين لمسؤولياتهم في مختلف مواقعهم هي الدروس المستفادة من معايشتهم لظروف الوباء على مدى خمسين يوما، ومعاناتهم البالغة من الاثار المباشرة وغير المباشرة لهذه الظروف ليس على صحتهم وحسب وانما على مصادر رزقهم وحرية حركتهم وعلى مستقبل عيشهم المنظور ايضا.

ما ينتظرنا من مخلفات ازمة الوباء على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي قاس الى حد كبير يتطلب منا الحرص الشديد على عدم العودة الى اجراءات وقف عجلة الاقتصاد وتقييد حركة المواطنين. وذلك رهن بارادة المواطنين وتحملهم لكافة مسؤولياتهم.