رأينا جميعًا والعالم أجمع كيف تعاملت مملكتنا مع جائحة كورونا. هذا البلد الصغير حجما، والذي يعاني من شحٍ بالإمكانات، ونسبة عالية من اللاجئين تتجاوز ربع إلى ثلث عدد سكانه بالإضافة لوجوده في منطقه ساخنة مليئة بالاضطرابات.
وها نحن نعيش ظروفنا في الشهر الثاني من تاريخ التشديدات الحكومية وقوانين الدفاع والتي دفعت القلة القليلة من أبناء الوطن إلى التشكيك أحيانا والانتقاد المباشر لهذه الأوامر أحيانا أخرى . حتى أنها بلغت عند بعضهم و كما تعودنا دائما في خضم الأزمات، أن يطلقوا تفسيرات غريبة تعتمد نظرية المؤامرة بأن الحكومة تبالغ من أجل إطالة عمرها.
لا شك أننا في بلد آمن ومسالم ويعطي مساحة ممتازة لإبداء الرأي والرأي الآخر على حد سواء؛حيث يستطيع ذوو الخبرة والمعرفة وغيرهم على حد سواء بأن يستعملوا أقلامهم لإبداء الرأي كتابةً أو الظهور على شاشات الإعلام المرئية. وهذا كله مرحب به وقد يتيح الفرصة في كثير من الأحيان لفتح النقاش الإيجابي والغوص بعمق للبحث عن الحقائق العلمية المبنية على أدلة موضوعية تساعدنا في اتخاذ القرار المناسب في هذه الظروف الصعبة.
وأود الإشارة هنا إلى أنني لا أقصد بما أكتب اليوم أن أحمل سيف الدفاع عن أي وجهة نظر أياً كانت، ولكنني واعتماداً على مبدأ حرية الرأي، أحببت أن أدلي بدلوي متكئا على خلفيتي كطبيب وخبير بعلم الأمراض؛ فالوضع الصحي الحالي مطمئن جدا وأرقامنا التي وصلنا إليها حتى الآن بحمد الله بالنسبة لعدد المصابين والحالات الجديدة ممتازة. لقد رأينا في غضون الأسبوع الحالي أنّ جميع الحالات المسجلة هي حالات مستوردة من الخارج ولا يوجد هناك حتى الآن أي دليل على وجود أي بؤرة داخلية لهذا الوباء اللعين. وبما أن هذه الحالة مطمئنة للجميع وأعطت مساحة لقرارات حكومية جديدة بفتح المجال تدريجيا وببطء؛ للعودة إلى حياتنا الطبيعية، كان لا بدّ من أن نكون على حذر ونتوخى الصبر قليلا؛ لتفادي أي انعكاس وبائي محتمل. وأتمنى على الله أن لا يساء فهمي هنا بأنني أقصد الإخافة أو التهويل، ولكنني أنبه إلى ضرورة توخي الحذر في الانفتاح وأن يكون هذا الانفتاح تدريجيا وبطيئاً. لقد استطاع هذا البلد رسم صورة مشرقة في تعامله مع هذا الوباء، وسطرت أيادي الجميع هنا أسمى صور الالتزام والحكمة. العالم كله شهد للأردن حنكته وحكمته وأيضا جرأته في التعامل مع هذا المرض وها نحن على وشك العودة إلى حياه أكثر انفتاحاً وطبيعيةً بفضل جهود الجميع. كثير من البلدان والحكومات ينظرون إلينا ويتطلعون لإنجازاتنا بغبطة ويعتبرون الأردن البلد القدوة. يحللون مسارنا ويقتبسون منه الدروس والعبر.
إن شاء الله "شدة وتزول" ونجاحنا بالتزامكم.