لقد آلَ (الكورونا) عليَ حالا ، فبدل منهجي قلبَ المُحالَ
وفوق البعدِ زاد الهمَ هماً، فأثقل غربتي حِملاً ثِقالا
وعلمني كورونا الطبخَ غصباً ، وما يوماً أعرتُ الطبخَ بالا
وكنتُ اذا رأيتُ الشيفَ أزويْ قناةَ الطبخِ منتقداً فِعاله
بعمريْ لمْ أحاول سَلقَ بيضاً، ولم أصنعْ مُتبْلَ في عُجالة
ولم أُعِرْ الطعامَ وصانعيهِ، عيوناً أو أذاناً أو مقالا
وما حاولتُ أنفخ تحتَ قدرٍ، ولا أنقعْ أرُزَ وأغلي هالَ
وكنت أقول كيف الناس تقضي سنيناً في المطابخ لا ملالا !؟
أراني بعدَ كورونا حبيساً، رهينَ الطبخِ مشغولا طوالا
أفتش عن قناةٍ فيها شيفٌ، أقيدُ ماذا عدَ وماذا قالا
وصرتُ أقومُ في المطبخْ ليالٍ، أُضيِعُ فيهِ أوقاتاً ومالا
صنعتُ مخللاً وطبخت منسفْ، انافس فيه مغواراً سجالا
ومقلوبه ومحشيْ ولستُ أعجزْ،عن الطبخات أُنْجِزها كِمالا
تجاوزتُ المراتبَ والمراحل، ولم أعطفْ يميناً أو شمالا
مدجج بالملاعقِ والصواني، أبارزُ كل من يهوى النزالا
لقد ايقنتُ أنَ الحجْرَ درسٌ، يفيدُ الجالسينَ وليسَ عالة
يعلمَنا الجَلادَ على العوادي، ونصمدُ إنْ شراعَ الصبرِ مالَ
وأنْسانا الكورونا كلَ سلبي، من العادات نفعلها ضَلالا
فقرب للبيوتِ أباً وأبناً، وجُلَ تباعد الزوجين زالَ
ومن فقد المودةَ أعطييها، ومَنْ طلبَ الثوابَ بوصلِ نالا
وإنَ الابتعادَ دواءَ يُغني، عزيزَ الناسِ أَنْ يَلقى ابتذالا
وفيه تجنب الامراضَ حِصناً، يقيْ المحجورَ كورونا وآله
ويعكفُ للعبادةِ مَنْ هَواها، كراهبِ ديرِ زادَ بهِ جَلالا
ويكُملْ منْ أرادَ بناءَ علمٍ، وزادَ الكاملونَ بهِ كمالا
أرى كورونا ساوى الناسَ عدلاً،فهاهوَ بينَ كلِ الناسِ صالَ
يجولُ مقاتلاً حراً طليقاً، وأعتى القادرينَ تنحى زالَ
يهاجمُ غير هيابٍ ينادي، هلموا إليَ إنْ كنتمْ رِجالا
ونقبع في البيوتِ كما النساء، وكورونا اللعين حسير جالَ
نكممُ وجهنا ونكفُ كفاً ، كذاتِ خمارِ، تجتنبُ الرجالَ
رضينا بالبلاءِ وقلنا صبراً ، ولكنَ البلاءَ طغى ومالَ
فأحْرَمَنا المساجدَ والكنائسَ، ودون (البيتِ) أبقانا وحالَ
فلا طوفٌ ببيت الله يجري، ولا سعيٌ ولا زمزمْ زُلالا
ففي ربِ البلاءِ رضينا رباً ،ونضرعُ مخلصينَ له تعالى
نبوءُ بنعمةِ المولى علينا، نبوءُ بذنبنا .. فلعلَ زالا
بما كَسَبتْ أيادينا ابتُلينا، فلا حقاً أجَزْنا ولا... حَلالا