ولادة الدولة "الاقتصادية" العميقة .. ما مصير التقليدية؟
ادم درويش
30-04-2020 03:26 AM
عمون - في العودة الى ويكيبديا فان تعريف الدولة العميقة أو الدولة المتجذرة أو دولة بداخل دولة، مفهوم شائع غير اختصاصي يستخدم لوصف أجهزة حكم غير منتخبة تتحكم بمصير الدولة (كالجيش أو المؤسسات البيروقراطية المدنية أو الأمنية أو الأحزاب الحاكمة)، وقد تتكون الدولة العميقة بهدف مؤامراتي أو بهدف مشروع كالحفاظ على مصالح الدولة كنظام حكم.
يفترض بأن للدولة العميقة عناصر موجودة في مؤسسات ومفاصل الدولة المدنية والعسكرية والسياسية والإعلامية والأمنية، وتقدر هذه العناصر التي تعمل صوب أهداف مشتركة من التأثير وتوجيه مؤسسات الدولة الرسمية وقراراتها السياسية.
من الأمثلة الشائعة على مفهومها ، الدولة العميقة أو المتجذرة في تركيا، و في الولايات المتحدة (وكالة الأمن المركزي واللوبيات),و مصر (الجيش و كبار رجال الأعمال)، وغيرها. من الممكن أن تكون الدولة العميقة، حين تسمى بدولة داخل دولة، أن تصف بعض الأحزاب والجماعات التي تتصرف كأنها دولة لكن ضمن حدود دولة معترف بها، أو الأجهزة الامنية لدولة ما...
كل ما سبق من محرك التعريفات والبحث وليس مني.
وفي الاردن ظلت الدولة العميقة بتعريفها التقليدي حيّة الى ان خلع رجال المال والاعمال و"البانكر" رئيس الوزراء السابق الدكتور هاني الملقي وحلّوا محله الدكتور عمر الرزاز وراحوا يغلّبون مصالح تجارتهم على كل المصالح الاخرى .. في معركة كسبوها من اول جولة مستغلين غليان الشارع وقتذاك .. لكن ظلت الدولة العميقة التقليدية تقاوم بخجل عل وعسى ان تجد لها موطيء قدم في ساحة تشابك فيها المال مع السلطة وحققوا نجاحات بدت واضحة للعيان مع ازمة كورونا التي كشر رأس المال عن انيابه وغرز مخالبة للامساك بخيوط اللعبة فاستفاد منها ولعله يبحث الان عن طريقة للامساك اكثر بزمام الامور في ظل الرئيس المستنفذ او المستهلك واحلال شخصية اقرب لوجهتهم منه لأن التفكير برئيس وحكومة من غيرهم سيؤدي الى عودتهم للمربع الاول وخسارة الجولات الحاسمة المكتسبة ..
لا نذيع سرًا اذا كشفنا عن لقاءات متتالية لارباب "الدولة المالية العميقة الجديدة" المتكونة غصبًا في فللهم غير المتلاصقة للحوار عن مستقبل السلطة ونعني الحكومة بالطبع وعن اهمية اقناع صاحب القرار ان المرحلة المقبلة تحتاج الى رئيس اقتصادي او مالي بمواصفاتهم ليكملوا معه مشوار الفائدة والمكسب والحفاظ على المصالح والامساك بخيوط اللعبة مقدمين انفسهم كنجوم انقذت البلاد والعباد مما لحق بالامة من ازمة اثناء الحظر الصحي .. ويريدون بالتأكيد ثمن هذا الموقف مع الدولة التي يرون انهم من انقذها وليس حكمة وخطة ورؤيا وتوجيهات الملك وولي عهده اللذان ظلا على تماس مباشر مع اجهزتهما للحفاظ على امن وسلامة المملكة ومواطنيها بشهادة القاصي والداني وتسمر رجال الملك الحقيقيين ورصيده الدائم من عسكر وامن وتبعاته في الشوارع والجبهات حفاظًا على مملكة الود والاستقرار .
اللقاءات التي نظمها تيار الدولة العميقة الجديد (للعلم بعضهم وصل الاجتماع الاخير على بسكليت) انتصرت لاداء الحكومة المالي والاقتصادي وعبرت عن فرحتها لأداء حاكم مصرف عمّان محافظ البنك المركزي الذي تعتقد انه كان صمام الامان الاول في نصرتهم وتحقيق مآربهم .. وتناول بعضهم مسألة ما بعد كورونا بتزكية ولا نقل الدفع بتسمية وترشيح الانسب لوجهتهم في المرحلة القادمة حتى ان احدهم قال ان علاء البطاينة او ناصر اللوزي الاقرب لتحقيق مبتغاهم ويظل عبد الكريم الكباريتي او سمير الرفاعي او عبدالاله الخطيب او جمال الصرايرة او محمد الذنيبات او حسين المجالي والقائمة تطول الخيار الابعد بالنسبة لهم ولفكرهم .. لأن كل من الذوات المذكورين يمثل شخصية مستقلة لايمكن السيطرة عليها ولا تقبل اساسًا ان تكون اداة ليّنة مطواعة في يد "البانكريين" واصحاب شركات الكسب السريع الذين يحرصون على مصالحهم اولًا وهو ليس نقدًا لهم فهذه حقيقة على الارض كل الارض.
الدولة العميقة الجديدة باركانها المالية الضخمة المؤثرة تسعى وهذا حقها الطبيعي الى الابقاء على اللعب بذكاء حتى نهاية الشوط الثاني من المباراة .. وتحقيق اكبر عدد ممكن من الاهداف لتحقيق انتصارات نقدية تنعكس ايجابًا على اسهم مؤسساتهم وموازناتهم واسواقهم ومصالحهم بالضرورة..
الدولة العميقة التقليدية من وجهة نظرنا في اضعف حالاتها .. ليس لانها تخسر حالة التمكين التي عاشتها سنوات وعقودا وربما انها فشلت امام صاحب القرار في ادارة ملفاتها بذكاء الاخر .. بل بقدر انسحابها امام رأس المال المتوحش المسيطر على خيوط السلطة واركان المفاصل المؤثرة والقدر المحتوم ..
تبقى المعركة مستمرة حتى يغلّب صاحب الامر ارادته السامية وفق منهجية الحكم التي يلعبها بذكاء خارق .. فيتخذ القرار الانسب الذي يحفظ للدولة ركنها الاساس وهو امن وسلامة السلم الاهلي الذي لن يكون اولية عند اصحاب الدولة الاقتصادية والمالية العميقة حديثًا كما هو عند المؤسسة التي تحفظ العرش وتعتبره اولوية قصوى وخطًا احمر بعيدًا عن هوى وهواة الكسب السريع واختراق رمزية وحدة المؤسسات والحفاظ على مكونات الوطن بدل سياسة التفكيك والفوضى و فئة الانانية وحب الذات ..