منذ زمن بعيد -ولا زال الامر مستمرا" - يتم تطويع الفن لصالح السياسة فكل الفن الأمريكي يهدف لبيان تفوق العسكري الأمريكي مفتول العضلات في حربه ضد اليابان وغيرها ، وراحت هوليود تصور المقاتل الأمريكي بالشجاعة والرأفة وروح الانقاذ الإنسانية عالية المستوى كأن ينقذ طفلا" أو امرأة وجد بين الطرفين المتحاربين ، وحتى أفلام الكاوبوي التي كنا نحبها لحبنا للبطل مثل ديانجو وجوليانو جيما صورت لنا تخلف الهنود الحمر وبشاعتهم مع انهم هم السكان الأصليون بينما فتى الكاوبوي مستعمر قام بقتل الملايين حتى استتب له الأمر .
والفن العربي لم يكن بعيدا" عن الخضوع السياسي فقد راح هذا الفن يمجد الزعيم الأوحد ويقدمه بطلا" غيورا" زاهدا" ولا يتم الحديث عن ظلمات سجونه وفتكه حتى برفاق دربه الذين تآمروا معه للوصول الى السلطة !! وظهر هذا عبر كل الصور الفنية من سينما ومسرح وتلفزيون حتى الغناء تحولت فيه الحناجر للتطبيل والتزمير.
واليوم نشهد مسلسلات تسير في ذات الاتجاه ، فمخرج ٧ الرمضاني يعترف بأن الأرض المقدسة لليهود وهذا ما أفرح نتنياهو وجعله يضع المقطع على صفحته الالكترونية، ومسلسل أم هارون الرمضاني يتحدث عن يهود كويتيين وأنهم يتألمون لنكبة ١٩٤٨ مما أفرح اليهود أيضا" وراحوا فورا" يطالبون بأرضهم في الكويت مع أن البصرة هي التي كان فيها يهود ، كما طالبوا بالتعويض عن المدة الزمنية التي حرموا فيها من بلدهم وبتروله !! . كما ظهر مسلسل الاختيار الرمضاني ليخلط الأوراق حيث سوى المسلسل بين الاخوان الذين وصلوا الى الرئاسة بالانتخاب الحر ، وبين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة في سيناء وبهذا يؤكد المسلسل أن الإسلاميين شيء واحد وهذا خلاف الحقيقة.
ورأينا في باب الحارة حارة اليهود وإخلاص سارة اليهودية لزوجها في دعاية واضحة قد تكون صحيحة لكنها ليست في التوقيت المناسب.
الفن في اصله رسالة نبيلة قد تكون ترفيهية أو رسالية أو تاريخية أو سياسية لكنها في كل الأحوال لا يجوز أن تعتمد التزوير والتلفيق ولا بيع المواقف ولا الاعتداء على دين الناس وكرامتهم وتاريخهم الذي لن يتغير عبر فن عابر معروف رأسماله. لقد رأينا أعمالا" فنية مهمة منتمية مثل فلم الرسالة وفلم عمر المختار وفلم الناصر صلاح الدين وفلم جميلة بوحيرد وغيرها من الأعمال التي اعتمدت الحقيقة وحفظت التاريخ ووجهت الواقع في أمانة رائعة نوصلها للأجيال القادمة. فيا معشر المنتجين والمخرجين والفنانين نرجو أن تكونوا مع هوية الأمة ودينها وثقافتها وليس مع عدونا وعدوكم.