أغمضوا أعينكم وتخيلوا .....
تخيلوا مثلا لو أن البتراء موجودة في لبنان .. مثلا .
أو تخيلوا أنها في مصر ... على سبيل المثال أيضا .بالنسبة لي لا تقل البتراء عظمة عن الاهرامات لا بل انني ارى فيها من الاعجاز والاسرار والخفايا وغير المعقول أو الممكن تصوره أكثر من تلك الموجودة في الاهرامات أما بالنسبة للبنان فانني قلبتها من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها ولم أجد فيها أثرا تاريخيا يقارب البتراء روعة أو جمالا واعجازا .
بعد تلك المقدمة ياتي السؤال الحائر التائه أين المشكلة وما هو الخلل والذي يجعل الاخوة في الشقيقتين متفوقون علينا في تسويق بضاعتهم السياحية بينما ما زلنا في الأردن نناقش خططا واستراتيجيات سياحية حكومية بيروقراطية روتينية حجرية والمسألة برمتها لا تحتاج الا الماما بسيطا بعلم وآليات الماركتينغ " التسويق " فقط لا غير .
لماذا ينجح الآخرون في تسويق اللاشئ واعطاء توافه الأمور معان عظيمة بينما نمتلك في الأردن ياقوتة صخرية ملقاة على رمال الصحراء الجنوبية حفرت بجوفها واحدة من أروع المدن في العالم وأعقدها وأكثرها غموضا لا بل أن خبرا صحفيا نشر قبل ايام أوضح بأن ما اكتشف من اسرار المدينة الوردية لم تتجاوز نسبته 15% بينما قرابة 85% منها ما زال في غياهب المجهول عوضا عن السحر الأخاذ في صخورها ذات اللون الوردي وفي هندستها التي أعجزت الخبراء لغاية الآن .
هل الخلل في البتراء ؟ وهل هي جميلة في عيوننا فقط ؟ لأنها في الأردن وحبنا لها يأتي متوافقنا مع حبنا لكل ما هو أردني ؟ , لقد بدأنا نشك في أنفسنا وبقدرتنا على التقييم ولدى رؤيتنا لملايين السياح المتدفقين الى دول الجوار متجاهلين البتراء الى الحد الذي جعل جزء كبيرا منهم يطير من فوقها متوجها الى لبنان أو سوريا أو مصر الا من رحم ربي من بعض السياح الفقراء الذين يفضلون السفر براً وتجبرهم الظروف على المرور في الأردن .
لا انتقص من جهود وزارة السياحة ولا هيئة تنشيط السياحة أيضا لكن المطلوب هو أكبر بكثير من المنجز او ماتم على الأرض , والواقع يستدعي تغييرا جذريا كبيرا وشاملا في آليات التسويق المتبعة تتناسب مع الحدث الأهم الذي تفصلنا عنه أيام معدودة لاعلان نتائج التصويت العالمي لاختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة تلك التي أصبحت ست بعد تزكية الاهرامات لانها الأثر الوحيد المتبقي من العجائب القديمة .
والمشوار لا يتوقف بعد اعلان النتائج فان فازت البتراء أو لم تفز في احتلال مكانة ضمن عجائب الدنيا الجديدة فان دخولها السباق سيحملنا مسؤولية كبرى للاثبات للعالم بانها تستحق الفوز ان فازت أو بفرضها على العالم أجمع عبر جهود تسويقية جبارة في حال لم تفز بحيث يكون منطلق تلك الجهود هو أيماننا التام بان البتراء ولندرتها وتميزها تستحق مكانة منفردة بعيدا عن اي سباقات أو منافسات وبمعزل عن الجهة المنظمة
أقولها للقائمين على العمل السياحي : أطلقوا العنان للمواهب الشابة والأفكار الخلاقة الفردية واسمعوا جميع المقترحات وابعدونا قليلا عن المؤتمرات والأوراق التي سأمنا منها وأضجرتنا بما يكفي حتى ضاقت أدراج المسؤولين في وزارة السياحة وفي الهيئة من توصياتها وأوراقها التي لا فائدة منها ,ولدينا في الأردن من الخبرات والكفاءات الشابة من تجيد وتعرف الطرق الأمثل للتسويق والترويج مع ضرورة التركيز على أهمية الاعلام وجعله شريكا اساسيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهنا استذكر ما قاله أحد الخبراء السياحيين لي مؤكدا على أن قناة تلفزيون المستقبل تقوم بجهود تسويقية للبنان عبر برامجها بشكل تعجز وزارات السياحة وهيئات تنشيط السياحة في العالم العربي عن القيام به مجتمعة .
اذا كنا نستحق البتراء علينا أن نثبت للعالم بأننا جديرون بها .