في سكينة كوكب الأرض هبط الموت فيروس كورونا نحو مدن العالم واستقر على أعلى مآذنها وخرق بعينه النارية جدران المساكن ورأى الأرواح المحمولة على أجنحة النعوش والبشر المنكوبة بمفاعل الكرى وسار الموت بأقدام هادئة بين المساكن ولم تصده الحواجز ولما رأى الإنسان خيال الموت أمامه صرخ بصوت تجسمت فيه عوامل الحنق والخوف وقال ابعد عني أيها الحلم المخيف أيها الخيال الشرير, أقترب الموت وبصوت يحاكي الرعد و قلت له أغرب عني و لا ترني أظافرك الجارحة فقد سئمت النظر إلى جناحيك و جسدك البالي يا موت لي مع الحياة عائلة كبيرة و أبناء و أحفاد و زوجة و حساب لم أنهه بعد و مع الناس مالا لم أستوفيه خذ ما شئت من الأشياء و أتركني و وضع الموت يده على فم الإنسان و أخذ حقيقته و أعطاها للهواء و لما حلق الموت في الجو نظر نجو هذا العالم و نفخ في الهواء و أفسده و بدأت الشعوب تندب أهلها و هم على قيد الحياة في وحدتهم و إنفرادهم فقد ماتوا أحباؤهم و أهلهم و غمرت الدموع و الدماء أنحاء المعمورة مات أهلي أيها الفيروس أذل ميتة و هذه هي المأساة المستتبة على مسرح نفسي و أنا أسير مع السائرين في موكب الموت نحو الاستشهاد فلتعيد الأمم حساباتها بعد كورونا فالناس من جبلة واحدة و هم لا يختلفون عن بعضهم البعض إلا في الظواهر الخارجية التي لا يعتد بها , فالرياء يظل رياء و إن قلم أظافره و الغش يبقى غشا و إن لانت ملامسه و الكذب لا يصير صدقا إذا لبس الحرير و سكن القصور و الخداع لا يتحول الى أمانة إذا ركب القطار أو أعتلى المنطاد و الطمع لا ينقلب قناعة إذا قاس المسافات و الجرائم لا تصبح فضائل و العبودية للأموات ستبقى عبودية و إن طلت وجهها و غيرت ملابسها العبودية تظل عبودية حتى إذا دعت نفسها حرية و بعد تجربة كورونا باطلة هي أعمال الإنسان و باطلة هي تلك المقاصد و المرامي و المنازع و الأماني و باطل كل شيء على كوكب الأرض فقد ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس فالعالم بحاجة ماسة الى يقظة في النفس بل يقظة في عمق أعماق النفس لتفتح بصيرته فيرى الحياة محاطة بالهالات و هي شعلة من شعلات ضمير الوجود تتأجج في داخل الروح فتحرق ما يحيط بها من الهشيم و تصعد سابحة في الفضاء الواسع هي يقظة في أعماق النفس فمن يعرفها لا يستطيع إظهارها بالكلام و من لم يعرفها فلا ولن يدرك أسرارها و لكن يظل الإنسان على كوكب الأرض عبدا لشرائعه الفاسدة الى انقضاء الدهر أم تجبره الحياة ليحيى بالروح و للروح أيبقى محدقا الى التراب أم يحول عينيه نحو الشمس كي لا يرى ظل جسده بين الأشواك و الجماجم ؟ و هل بإمكان البشر على كوكب الأرض أن يعرفوا الحقيقة ؟ و لماذا تخالفون مشيئة الله الذي بعثكم أحرارا الى هذا العالم و تصيرون عبيدا؟ فأقول لغير الملتزمين بإطاعة أوامر الدفاع ما أحب الحياة إلينا وما أبعدنا عن الحياة .

ومن وراء جدران الوطن و على مسرح معركة كورونا الشرسة رأيت الجيش العربي عريسا و الجيش الأبيض عروسا و الحياة في وطن الأحرار ليلة القدر .