"الأردن بلد غير حر" .. ضربة موجعة على الرأس!
نضال منصور
26-01-2010 03:27 AM
تلقى الأردن ضربتين موجعتين على الرأس، الأولى حين صدر تقرير بيت الحرية "فريدوم هاوس" واعتبر الأردن "بلدا غير حر"، وتبعه التقرير الثاني لمنظمة "هيومن رايتس واتش" والذي انتقد بشدة واقع حقوق الإنسان والحريات في الأردن.
تعاملت الحكومة مع تقرير فريدوم هاوس باستهجان واستنكار، ولم يتردد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف، عن القول ساخراً "من يقرأ التقارير يخرج بنتيجة مفادها أن واضعيها لا يعرفون الأردن، وغير مطلعين على ما يجري فيه". رد الحكومة على تقرير هيومن رايتس واتش كان أكثر كياسة بقولها "سنرد على كل ما ورد بالتقرير بعد الانتهاء من دراسته".
بعد التقريرين نحن في وضع صعب ومحرج. وبعيداً عن ردود الحكومة ونزق المتطرفين الذين يكيلون الشتائم للمنظمات الدولية، فإن علينا الاعتراف أن صورتنا في الخارج تهتز، وأن الأردن النموذج في التطور الديمقراطي يتراجع، والأهم أن ذلك يؤثر على المساعدات الدولية التي تسعى إلى ربط ما تقدمه بمؤشرات المضي في ميادين الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان.
سهل جداً أن ننفي وندين هذه التقارير ونعتمد على حاجة المجتمع الدولي لنا كلاعب رئيسي في الحرب ضد الإرهاب، وفي دعم عملية السلام، ولكن ذلك ينطبق عليه القول "جمعة مشمشية" لا تدوم، وأيضاً لا تزيل الاحتقانات الداخلية، ولا تحقق التصالح المجتمعي، ولا تضمن لنا التطور والتنمية المستدامة. الحل أيضاً سهل جداً، وأولى الخطوات الاعتراف بأزمتنا الديمقراطية، والبدء بوضع خطة للتعامل مع هذه المشكلات، والاستفادة من تقارير المنظمات الدولية وخبراتها في التقدم خطوات نحو المعالجة الجذرية. التقريران يتعرضان إلى المشاكل ومظاهر الأزمة، بدءاً من حل البرلمان كمؤشر أساسي للديمقراطية ومن تحديد موعد فوري للانتخابات والضمانات لنزاهتها، مروراً بالضغوط التي يتعرض لها الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.
تقرير هيومن رايتس واتش لعام 2009 يكشف النقاب عن استمرار منهجي للتعذيب في السجون، ويحذر من إفلات المتهمين من العقاب وعدم وجود آليات فعالة للعدالة. ويتحدث عن الاستمرار في استخدام قانون منع الجرائم للاحتجاز الإداري، وعدم عرض المشتبه بهم على الادعاء العام خلال 24 ساعة من توقيفهم، وتفادي تنفيذ أحكام القضاء بالإفراج عن المشتبه بهم بكفالة.
ويشير التقرير إلى قانون الاجتماعات العامة وفض الأمن لاعتصام عمال الموانئ بالقوة واعتقال بعض العمال.
ولم يهمل التقرير وضع عاملات المنازل، ونوه بالتدابير الإيجابية للحكومة بضمهن لمظلة قانون العمل، لكنه استمر في انتقاد وضع حقوق المرأة واستمرار المحاكم بإصدار أحكام مخففة فيما يطلق عليها جرائم الشرف. المشكلات تعرفها الحكومة، والمطلوب معالجة جادة تستهدف التغيير والانجاز، لا تحسين الصورة ووضع مساحيق التجميل، التي تختفي عند أول مأزق أو اختبار حقيقي.
تفعيل أدوات المساءلة والمراقبة المجتمعية بداية المشوار، فلا ديمقراطية بلا برلمان حر ومستقل، وطبعاً بانتخابات تخضع للمعايير الدولية في الشفافية والنزاهة، ولا حرية من دون إعلام مستقل لا يتدخل به أحد، ولا تُفرض عليه الوصاية ومن حقه الوصول للمعلومات. الحاكمية الرشيدة وسيادة القانون واستقلال القضاء ووقف الاشتباك الأمني مع السياسي وصفة لا مفر منها حتى نعيد الاعتبار لديمقراطية باتت مهددة، وكل ما نفعله لأجلها هو الكلام الحلو، يعني شعارات وبس!
الغد