وصفة العبور الأردنية لما بعد كورونا والتداول الوطني للحلول
د. محمد فخري صويلح
27-04-2020 08:46 PM
تداول المجموع الوطني خلال الأيام الفائتة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية جملة من الرؤى المقترحة للعبور لمساحة الأمان ما بعد أزمة كورونا، جاء أبرزها في مقالة لدولة السيد سمير الرفاعي أطلق فيها جملة من الخطوات العملية للحل الآمن، ولعل أهمية ما قدمه السيد الرفاعي عائد لاعتبارات عملية أهمها امتلاكه لرؤية أنضجتها السنوات الماضية في السياسة والاقتصاد واطلاعه العميق على إدارة شؤون الدولة.
يدرك الجميع الوطني أن وصفة العبور المنشودة تتعلق بالملف الاقتصادي وآثاره الاجتماعية وهو الملف الأكثر إيلاماً وحيرة للدولة والمجتمع الأردني كونه يحتاج مدى زمني أطول لتحقيق حالة التعافي والاستقرار، بعد أن تمكنت الحكومة بفضل الله أولًا وأخيرًا، وبحسن توجيه القيادة وقدرة الكفاءات الوطنية في تطويق التحدي الصحي بالشكل الآمن الصحيح.
وبالنسبة إلى التحدي الاقتصادي ،، فقد علت الأصوات الوطنية بأكثر من وصفة للعبور ،، فقدمت كل منها ما تراه الأقرب للصواب والأسلم في توجيه الدفة نحو الاستقرار الاقتصادي.
وبين يدي ما قدمه العديد من أصحاب الفكر والرأي من سياسين واقتصاديين أجدني ملزماً ببسط جملة من المعطيات ذات الأثر في قراءة المشهد الاقتصادي وقبل تناولنا للحلول، ومنها:-
1. بلغت المديونية الأردنية الخارجية ٣١ مليار دينار أردني، فيما بلغت المديونية المحلية ١٨ مليار دينار، منها ٦ مليارات دينار تعود لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ومجمل هذه الأرقام تُشعر بأن المالية العامة مرهقة ومثقلة بالكثير من الأحمال والتي قد تمنعها من أخذ دورها المرجو في تحمل المسؤولية منفردة لتصويب المسار وتصحيحه.
2. أعطت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مؤشرات متحفظة للاقتصاد الأردني خلال الفترة القادمة، وتوقعت دخوله بحالة انكماش هي الأقسى منذ ثلاثين سنة خلت، يرافقها ارتفاع لمعدلات البطالة، وضعف الناتج القومي الإجمالي، ونقص في ايرادات الخزينة.
3. لجوء الحكومة في مواجهة الأزمة إلى إطلاق النداء الوطني للتبرع والذي لم يلق الاستجابة اللائقة، فما تم التبرع به لم يرق لتحدي الأزمة التي تواجه الوطن، ولعل ذلك يعود لعاملين، الأول: ضعف ثقة المواطن بإدارة الحكومة للتبرعات، والثاني: عدم رغبة الأثرياء المقتدرين بالتبرع لضعف قناعتهم بواجب العطاء نحو الوطن.
وفي هذا، فإن الواجب يقتضي إعمال العقل للوصول لحلول وطنية يقبل بها الأردنيون، ومنها :-
1. إعادة الاعتبار للقطاع الزراعي من خلال دعم الدولة المباشر لهذا القطاع الاستراتيجي وتمويله وشراء منتجاته، وبما يكفل تحقيق الكفايات للسوق المحلي والتوسع بالصادرات.
2. إعادة التوازن والتصحيح لقطاعي الصحة والتعليم، واستعادة حالة التميز التي رافقت هذين القطاعين في العقود الماضية من خلال تطوير مخرجات كلا القطاعين وتجويد البحث العلمي المرتبط بهما وتعزيز الصناعات الصحية والتعليمية.
3. إعادة تعريف القطاعين الصناعي والتجاري، بحيث يتم تحفيز المنتج المحلي وكفالة جودته وبما يرفع مستويات القبول المحلي له، ويزيد من فرصته التصديرية، وهذا يتطلب تقديم محفزات نوعية تعزز تنافسية الصناعة الأردنية.
4. تدعيم مراكز البحث العلمي وإعطاء الرقمنة والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال الأهمية النسبية لها وبما يخدم حاضر الأردن ومستقبله.
5. إعادة هندسة المالية العامة للدولة وفق أسس تضمن : وضع المال العام في مكانه وزمانه من خلال ضبط الإنفاق العام، وتحصيل حقوق الخزينة ومكافحة التهرب الضريبي ودمج الهيئات المستقلة بما يماثلها من وزارات، وإعادة صياغة سلم الرواتب والامتيازات للوظيفة العامة وبما ينفع الدولة والمجتمع، وتعزيز التنمية والاستثمار، وتأكيد معايير الشفافية والمحاسبة والحوكمة.
ما سبق من توصيف للمشهد الاقتصادي وأطر الحل يحتاج خطوات تنفيذية عملية تتمثل بخطوات منها:
1. إلغاء الضريبة العامة على المبيعات على السلع الأساسية وتخفيضها على السلع غير الأساسية.
2. تخفيض ضريبة الدخل والجمارك على الأفراد والشركات، وتقديم حزم تحفيزية للمشاريع الجديدة في كافة القطاعات شريطة توسيع قاعدة تشغيل الأردنيين.
3. إجراء مصالحات بقضايا الفساد المالي واسترجاع أي مبالغ مالية ثبت بصورة قانونية استحقاقها لصالح الخزينة.
4. إصدار صكوك وطنية ( سندات وطن ) يكون الاستثمار فيها متاحًا للأفراد والمؤسسات.
5. التزام البنوك الأردنية من خلال البنك المركزي بالاستثمار بالصكوك الوطنية ( سندات وطن ) لأجل عشرة سنوات وبعائد مقبول استثماريًا ومكفول من خزينة المملكة الأردنية الهاشمية، وبحيث تكون معادلة الالتزام المصرفي بالاستثمار قائمة على نظام الشرائح للمبالغ المقتطعة من ودائع العملاء ( مكفولة الاسترداد للعملاء بتاريخ الاستحقاق) بنسبة من الودائع تبدأ من ١٪ على الودائع من ٥٠ الف دينار وحتى ١٠٠ ألف دينار، و٢٪ من الودائع من ١٠٠ ألف دينار ولغاية مليون دينار ، و٣٪ للودائع التي تزيد قيمتها عن مليون دينار ، وعلى أن يراعى توافق الصكوك المصدرة مع قانون صكوك التمويل الإسلامي الأردني للراغبين باستخدام أدوات مالية إسلامية أو بأي أدوات للدين معترف بها قانوناً للأدوات غير المتفقة مع الشريعة الإسلامية.
وللأمانة،، فإن بعضاً مما ورد من الأفكار ضمن الخطوات التنفيذية العملية جاءت حصيلة للتفكير التشاركي ومتوافقة في الإطار العام و/ أو تتكامل مع ما طرحه دولة السيد سمير الرفاعي والذي تقدم بوصفة للعبور تستحق من الجميع القراءة المتأنية لها بعين وطنية بعد أن دفع بها للحوار والتطوير أمام الرأي العام شعورًا منه ومن كل من تقدم بفكرة أو رأي بمسؤوليتهم نحو الضرورة الوطنية للعبور الآمن مبتعدين عن أي مخاطر قد يتعرض لها الاقتصاد الوطني، وهي أفكار تنتظر مزيداً من النقاش الوطني والتعزير بمزيد من الأفكار والطروحات حتى يحمل الأردنيون أدوات الحل التي تمكنهم جميعًا من العبور نحو أردن ما بعد أزمة كورونا.