عمون - خرج الأطفال في إسبانيا من منازلهم الأحد، للمرّة الأولى منذ ستّة أسابيع، تزامنًا مع تخفيف عدد من الدول إجراءات الإغلاق، في وقت رجّحت ولاية نيويورك استئناف الأنشطة الاقتصادية بعد 15 أيّار/مايو في ضوء تراجع الوفيّات اليوميّة بكوفيد-19.
وعلى الرغم من أنّ حصيلة المصابين بكوفيد-19 باتت تناهز ثلاثة ملايين شخص حول العالم، تستعدّ حكومات دول عدّة، بينها فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، إلى تخفيف جزئي للقيود المشددة التي أجبرت نصف البشر على التزام منازلهم لأسابيع.
وفي مؤشّر لافت، عاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى مقرّ رئاسة الحكومة في لندن، بعد شهر من إصابته بكوفيد-19 ودخوله المستشفى ولاحقا العناية المركزة.
وأفادت العائلات الإسبانيّة من قواعد جديدة تُتيح للأطفال الخروج للمرّة الأولى منذ 14 آذار/مارس، وشوهد أطفال يلهون على درّاجات هوائية في شوارع مدريد وارتدى بعضهم أقنعة وقفازات.
وقالت إنماكولادا باريديس لوكالة فرانس برس بينما كانت تستعدّ لاصطحاب طفليها البالغين أربع وسبع سنوات "إنهما متحمّسان للغاية ولا يمكنهما الصبر. استيقظا منذ الساعة 06,30 صباحا مرددين +سنخرج سنخرج!+".
وقال ريكاردو (ست سنوات) إن الخروج من المنزل "أمر جيّد جدا"، متحدثا عن مغامرته مع شقيقته الأصغر في المدينة.
بموجب القواعد الجديدة، يُسمح للأطفال بالخروج مرّةً في اليوم بين الساعة 09.00 و21.00، لكن لا يمكنهم الابتعاد أكثر من كيلومتر واحد عن منازلهم.
بدأ تطبيق القواعد الجديدة بينما تراجع عدد الوفيات في البلد الذي كان بين الأكثر تأثرا بالفيروس، إلى 288 الأحد، وهي الحصيلة الأقل منذ 30 آذار/مارس.
وسجّلت اسبانيا أكثر من 23 ألف وفاة بالفيروس لتحل في المرتبة الثالثة عالميا بعد إيطاليا (26 ألفا و600) والولايات المتحدة (53 ألفا). ويُذكر أنّ الترتيب مبنيّ على الأعداد المطلقة للوفيّات، بدون احتساب نسبتهم مقارنة بعدد السكان.
في نيويورك، قال حاكم الولاية أندرو كومو الأحد إنّه يُحتمل استئناف بعض الأنشطة الصناعية وورش البناء عقب 15 أيار/مايو.
وأشار إلى أنّ هذا الأمر سيتمّ في مرحلة أولى بشمال الولاية وليس في مدينة نيويورك.
وبلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ حول العالم أكثر من مليونين و900 ألف الأحد بينما تخطّى عدد الوفيّات 206 آلاف، أكثر من نصفهم في أوروبا، وفق تعداد فرانس برس.
ويبدو أنّ الحصيلة اليوميّة للوفيات في الدول الغربية بدأت تستقر بل وتتراجع في الدول الأكثر تأثّرا بالوباء إذ بدأت الأعداد الصادرة من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا تستقرّ في الأيام الأخيرة.
من جهتها، تخطط الحكومات لتخفيف تدريجي لتدابير الإغلاق من أجل منع العودة المفاجئة لمظاهر الحياة الطبيعية وبالتالي تفشي الفيروس مجددا وسط تحذيرات من منظمة الصحة العالمية بأن أجسام المتعافين قد لا تكون طورّت مناعة تمنع إصابتهم مجددا.
وبدأت دول أخرى في أوروبا تضررت بشدة من الفيروس النظر في إمكان عودة حذرة لمظاهر الحياة الطبيعية.
وذكرت السلطات الإيطالية حيث تم تسجيل 260 وفاة جديدة الأحد في أدنى حصيلة منذ 14 آذار/مارس أن المدارس ستعاود فتح أبوابها في أيلول/سبتمبر المقبل، بينما بإمكان العديد من الأعمال التجارية استئناف نشاطاتها الأسبوع المقبل. وينتظر أن تكشف السلطات الفرنسية الثلاثاء خططا في هذا الشأن.
في بريطانيا، حيث توفي أكثر من 20 ألف شخص بالوباء، تقاوم الحكومة الدعوات لتخفيف القيود المفروضة في أنحاء البلاد رغم تسجيلها الأحد أقل حصيلة يومية للوفيات منذ 31 آذار/مارس بـ413 وفاة جديدة.
رمضان في البيت
توازيا، أعلنت السعودية الأحد، أنها سترفع حظر التجول لمدة 24 ساعة جزئيا وستسمح للمراكز التجارية والمحال بفتح أبوابها لساعات محددة.
لكن سلطات المملكة أعلنت استمرار اغلاق مدينة مكة المكرمة على مدار الساعة.
وانضم المسلمون في السعودية بذلك إلى مئات الملايين من أقرانهم حول العالم الذين أحيوا اليوم الثاني من شهر رمضان في بيوتهم متجنبين التجمعات العائلية التقليدية على مائدة الإفطار، تطبيقا لإجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة.
رفضٌ لنصائح الخبراء
سمحت سلطات ولاية جورجيا الأميركية لآلاف الأعمال التجارية باستئناف نشاطاتها، بدءا بمصففي الشعر وليس انتهاء بصالات لعب البولينغ، رافضة بذلك نصائح كبار خبراء الأوبئة.
وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارا رغبته في استئناف النشاطات التجارية في أكبر اقتصاد في العالم، حتّى مع تحذير المستشارين الصحيين من خطورة تخفيف إجراءات الإغلاق بشكل مبكر أو متسرع أكثر مما ينبغي.
وواجه الرئيس الأميركي موجة جديدة من الانتقادات بعد أن أشار إلى أنه يمكن علاج الفيروس عبر تسليط الضوء فوق البنفسجي داخل أجسام المرضى، أو من طريق حقنهم بمطهر منزلي.
كما انتقد ترامب وسائل الإعلام واتهم صحافيين بطرح أسئلة معادية، ملمّحًا إلى أن إحاطاته اليومية بشأن الوباء لا تستحق وقته.
تحذير المناعة
في حين يبدو أنّ حالات الإصابة الجديدة المُبلَّغ عنها استقرت عند نحو 80 ألفا في اليوم، لا يزال العالم في حالة ترقّب، بينما تتسابق الشركات والحكومات لتطوير العلاجات ولاحقا لقاحا ضد الفيروس.
وتدرس بعض الحكومات تدابير مثل "جوازات المناعة" كطريقة لإعادة السكان إلى العمل بعد أسابيع من الإغلاق الذي ضرب الاقتصاد العالمي.
وقال لوثار كوب، أحد سكان برلين "إذا كنت أصبت بالفعل بكورونا، فأنا لست معديا"، مبديًا أمله في أن تكون نتيجة اختبار الأجسام المضادّة إيجابية لأنها قد تسمح له بزيارة والدته المسنّة.
لكنّ منظمة الصحة العالمية حذرت من أن المتعافين من الفيروس لا يمكن لهم أن يكونوا متأكدين من أنهم لن يصابوا به مجددا.
وذكرت المنظمة في بيان "لا يوجد حاليا أي دليل على أن من تعافوا من كوفيد-19 ولديهم أجسام مضادة محميون من إصابة ثانية".
وتخطط دول عدة بينها فرنسا وألمانيا لاستخدام تطبيقات تعقّب مرتبطة بالفيروس تبلّغ المستخدمين في حال كانوا قرب شخص تأكدت إصابته بكورونا المستجد.
وبدأ استخدام التكنولوجيا في أستراليا، حيث أثارت القلق بشأن الخصوصية في أوساط البعض، كما استخدمتها سنغافورة على نطاق واسع.
في غضون ذلك، أقرت في بكين مجموعة جديدة من التدابير لمكافحة الوباء تحظر السلوك "غير المتحضر" مثل عدم تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
أ ف ب