الأمن العام في زمن الحظر الكوراني: أداء مهني وإنساني رفيع
د. جمال الشلبي
26-04-2020 01:15 AM
عائداً من الشمال ليلاً وطلة سريعة للوالدة الحبيبة بعد شهرين غياب، علامة البنزين في السيارة تقترب للبرتقالي، قلبي يدق بتسارع خوفاً من المجهول، بعد أن لاحظت أن محطات البنزين مغلقة؛ عندها تذكرت كورونا والحظر!!
وصلت إلى دورية شرطة على مثلث النعيمة، طلب الشرطي مني التوقف وتصريح الخروج، وبعد أن رآه ودقق في معلوماته قال شكراً وتفضل. وما أنهي كلامه حتى تجاوزت ذاتي وقلت له "عندي مشكلة في البنزين!!"، وبدون أن يفكر- ولو قليلاً - قال "ارجع ولف لليمين سأرى إذا كان الموظف في محطة المحروقات يمكنه تعبئة خزان وقود سيارتك".
سار أمامي مشياً رغم الليل المعتم، وصوت الكلاب النابحة من أكثر من جهة، وأنا أتبعه بسيارتي، ثم اختفي قليلاً وراء محطة المناصير وصوته ينادي وينادي يا فلان....يا فلان....وبعد برهة، عاد ليقول لي" للآسف لا أحد يرد، وليس أمامك حل إلا العودة من حيث أتيت، بانتظار الصباح، وانفتاح محطات البنزين"، وعندما شرحت له الصعوبة في ذلك. رد علي :"ولكن الأصعب هو أن تتوقف السيارة بك مع عائلتك وأبنائك"!!.
وهنا تدخل زميل له جاء ليبحث عنه بسيارة الشرطة قائلاً:" أين تسكن؟ قلت له في عمان. فأردف مقترحاً: "سيارتك تستطيع أن تسير 40 كم فوق البرتقالي، لكن لا تزيد سرعتك عن 80 كم، وأنت نازل تلال جرش حط الغيار على نيترون، وان شاء الله غير توصل". وعندما هممت أن أدخل سيارتي لأنفذ التعليمات والنصائح الجديدة علي، عاد الشرطي الأول ليقول لي:"على كل حال، إذا احتجت أي شيء ما عليك إلا الاتصال بالرقم 911.. ألف سلامة."
ودون أن يكون لدي خيار آخلا، أخذت برأي الشباب من جهاز أمننا العام الرائعين، وتوكلت على الله، وطبقت كل نصائحهم، ووصلت إلى البيت والحمد لله بعد رحلة شاقة وخطرة ومجهولة العواقب بالنسبة لي. وهنا شعرت بضرورة الشكر والتقدير لهؤلاء الشباب الرائعين. وبالتأكيد، كلمة الشكر المباشرة لهم لا أظن أنها كانت كافية، وحتى كلمة الشكر القلبية في نفسي وقلبي لم أجد بأنها توفيهم حقهم، ولذلك كان لا بد أن أعبر عن شكري العميق عبر هذه الكلمية البسيطة والسريعة، والتي أرجو أن تعبر عن امتناني واعتزازي- واعتزاز كل الشعب- بشباب جهاز الأمن العام الأردني الوطني، والذكي، والإنساني.
حمى الله الأردن وشعبه وقيادته