من أين لنا بأبي الحروف حتى يغير لنا، برمشة قلم، كوفيد الى كيوبيد، ويستبدل كوفيد الرعب بكيوبيد الحب وكوفيد الموت بكيوبيد الحياة والاحتجاز بالانطلاق. ها نحن بانتظار كيوبيد تماما كما انتظر ستراجون وفلاديمير، أبطال مسرحية "بانتظار غودو" لصموئيل بيكيت.
أخونا، بيكيت الإيرلندي الذي كتب مسرحيته بالفرنسية ثم ترجمها الى الإنجليزية، لم يكن يحمل هذه المسرحية على محمل الجد، وكتب في بروشور الدعاية لها: (تراجيديا مضحكة من فصلين)، لكن هذه المسرحية بالذات هي التي خلدته دون أعماله الأخرى، وهذا هو الجانب الكوميدي الذي افتقدته المسرحية فعلا.
علينا ان نفكر بازدواجية هنا، بين وضعنا الحالي ككائنات واعية نسبيا وبين احداث المسرحية، التي تدور في منطقة موحشة مقفرة سوى من شجرة جرداء وشخصين مهمشين معدمين مبهمين ينتظران شخصا يدعى (غودو) من المفترض أنه سوف يأتي، دون تحديد موعد حقيقي لقدومه.
البطلان ستراجون وفلاديمير يعيشان فوضى عارمة بدواخلهما، ويخوضان نقاشات تافهة وأحاديث بائسة بانتظار غودو، الذي سيعيد المنطقية لحياتهما غير الممنطقة.
الفصل الثاني من المسرحية أكثر فوضوية، يبدأ بأغنية عن كلب سرق قطعة خبز من الطباخ، فضربه الأخير حتى الموت، ثم شخص أحمق متنمر يدعى «بوزو» يقود تابعا له بحبل لكأنه كلب. وغلام يأتي كرسول من غودو ليعد البطلين بأنه سياتي غدا. لكن غودو لا يأتي قط.
بدون لف ولا دوران، هل لاحظتم التشابه المفرط بين حالنا هذه وحال شخوص المسرحية، وهل سيصدقنا غودو أخيرا ونخرج سالمين غانمين من عزلتنا المبهمة؟
أي دنت نو.
الدستور