مع حابس باشا وكتيبتيه الرابحة والملكية الممتازة
د.بكر خازر المجالي
25-04-2020 10:30 PM
حين نترك للتاريخ أن يتحدث دون تدخل البشر، فان حديثه يأتي منصفا صادقا، فالتاريخ هو من يتحدث ويصف الرجال بمصداقية، ولا يمكن لمساره ومجرياته ان يعطي وزنا لغير ذي وزن، وان يمدح لغير ذي مديح، حين يكون مجردا عن الهوى ومحاولات التجيير والصاق بطولات لغير ذي بطولة.
وتاريخنا الاردني هو من صُنْعِ الرجال، من ثباتهم وشجاعتهم، وحين نقول عن المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه أنه "الملك الباني"، نقول لاننا نلمس ما هو الاردن عليه، وكيف تم بناؤه في ظروف دقيقة وحرجة، والاسم هو لقائد فذ ولوطن ماجد.
ونقف عند ذكرى وفاة المشير حابس المجالي، فهو رجل المهمات الخطيرة والصعبة، وواجه التحديات وثبت على الاخلاص للوطن برجولة اردنية، وبعزيمة صارمة ثابتة.
ارتبط تاريخ المشير حابس المجالي بمعارك باب الواد، وبتاريخ كتيبته التي كان قد شكلها بنفسه بتاريخ 8 حزيران عام 1947 في معسكر المفرق، وهي اول كتيبة في الجيش الاردني يشكلها عربي اردني، واول كتيبة كامل ضباطها وافرادها هم اردنيون، وكان معه اثنا عشر ضابطا اردنيا هم: محمود الروسان وكامل عبدالقادر وعبدالله سالم النمري وصالح عيد الفاخوري وعزت حسن غندور ونصر احمد الشبول وموسى عادل ومحمد نعيم وهاشم الدباس ومحمود مهاجر وعاطف المجالي، ومن ثم التحقت مجموعة من الضباط الاردنيين خلال حرب عام 1948 هم: الطبيب يعقوب ابو غوش، ومحمد المحاسنة وعبدالمجيد المعايطة وقاسم العايد وعلي مطلق الهباهبة وتركي الهنداوي ومحمد محسن الحربي ومحمد بركات نصير وقاسم المعايطة.
هذه الكتيبة التي رابطت في باب الواد بين اشجار كثيفة وفي منطقة وعرة واتخذ حابس باشا من مقام معاذ بن جبل مقرا لقيادته، ولتغلق كل المنافذ المؤدية الى القدس، ويُقْسِمُ الجنود ان لا سبيل لمرور اي صهيوني باتجاه القدس، ويحققون الانتصار في اربع معارك شرسة ويدحرون العدو، مما دفع باليهود في داخل القدس القديمة للاستسلام للكتيبة السادسة بقيادة عبدالله التل.
بعد نهاية معارك باب الواد زار الملك الشهيد عبدالله الاول هذه الكتيبة في مواقعها في الاول من حزيران عام 1948، ليشاهد الغنائم من الاسلحة التي تركها العدو وتحدث الى حابس باشا يقول له: "انك وجنودك تدافعون عن ارض سبقكم الدفاع عنها قادة عظام من امثال عمرو بن العاص وصلاح الدين، ومن أَسماك "حابس" ما أخطأ، لانك حبست العدو وحُلْتَ دون تقدمه، ان كتيبتك الرابعة هي الكتيبة الرابحة باذن الله".
والكتيبة الرابعة "الرابحة"، هي التي تحمل اليوم اسم كتيبة الامير حسن الرابعة الالية، واستمرارا لمسيرة حابس باشا في الجيش العربي الاردني، فقد تم تكليفه بتاريخ 12 كانون الاول من عام 1948م، بتشكيل كتيبة جديدة عرفت باسم الكتيبة الهاشمية العاشرة، وتشكلت في معسكر العبدلي، وانتقلت الى وادي عربة لتحل محل القوات المصرية التي انسحبت من جنوب بئر السبع ومن خليج العقبة، وتمتد جبهة الكتيبة من جنوب بيت لحم وحتى المرشرش على خليج العقبة، ومن ثم يختارها جلالة الملك عبدالله الاول لتكون هذه الكتيبة هي للحراسات الملكية، لتكون اول قوات الحرس الملكي الخاص، وتستلم واجب حماية القصور الملكية والمواكب الرسمية والشخصيات وحراسة دار الاذاعة الاردنية، ويطلق الملك عبدالله الاول عليها اسم "الكتيبة الملكية الممتازة" ومن ضباطها: اديب القاسم وتركي بعارة وعبدالرحمن الفراهيد وسليمان الشرمان وتوفيق حدادين وعطالله شاكر ومحمد مطلق الهباهبة وهشام العجلوني.
نقف عند صفحة من تاريخ رجال الاردن، عند تاريخ الشجاعة والبطولة والاخلاص، وسيرة القيادة الفذة، في وطن الخير والقيادة الهاشمية ووطن التاريخ المشرف والحاضر السعيد.