أتساءل عن تلك الغربان التي تطوف فوق سماء دول العالم، تنذرنا بسقوط موتى وإصابات يوميا بعشرات الآلاف ونحن نترقب "لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا".
نرجو رحمة الله تهبط علينا من السماء، بعد أن عم الظلم، وانتشر الفساد وحل البلاء والوباء.
في بداية جائحة كورونا ثار الذعر والخوف والهلع في العالم وصرنا نترقب بهدوء وأصبح الأمر عاديا عندما نسمع عن آلاف الموتى والإصابات، تماما كما كان عاديا عندما كنا نسمع عن القتلى والجرحى والمشردين من أطفال ونساء وكبار السن يقعون ضحايا ظلم البشرية في دول منكوبة.
الحقيقة، أن البشرية عاثت في الأرض فسادا، فحملت الأرض أوزارا لا علاقة لها بها، واليوم صار دور الأرض ان تأخذ قسطا من الراحة، بعد ان ارتوت بدماء الأبرياء، وأكل القوي فيها حق الضعيف، وغابت المنابر الفكرية والدينية عن الإعلام والكلمة الطيبة والنصيحة والموعظة الحسنة.
وتصدر شاشات التلفزة المشاهد الخليعة والرقص والغناء والاباحية والسفاهة، والبعض من مشاهير احتلوا المرتبة الأولى ببث المحتوى التافه على منصات التواصل الاجتماعي يبثون في عقول شبابنا محتوى سخيفا قائما على الفراغ الفكري.
والمصيبة ان هؤلاء أصبحوا قدوة لكثير من الشباب حتى بات شغل أبنائنا الشاغل متابعة أخبارهم ويومياتهم بكل حماس وشغف.
وبذلك غاب الناس عن الكتاب والقلم والعلم والمعرفة، وصرنا ننتج اجيالا تائهة لا هوية لها وتعيش واقعا غير واقعهم، واقعا افتراضيا.
والطامة الكبرى انه جرى تغييب دور العقلاء والعلماء والحكماء في مختلف الحقول، وأصحاب الرأي من الأمة، وبدلا ان تسعى وسائل الاعلام إلى ايجاد جيل واعد فكريا ونقي بفطرته فانها تقوم بإنتاج أجيالا منهارة القيم الإنسانية والاخلاقية.
ولعل من أسباب الانهيار الذي نشهده في هذا الوقت في المنظومة الأخلاقية غياب دور الأسرة في التربية والتعليم عدا عن التفكك الأسري الذي نتيجته أسباب غير مبررة والذي يذهب ضحيته جيلا من المفترض أن يبني مجتمعا ناضج الفكر والهوية.
للأسف في هذا الزمان أصبحنا نخجل من اخلاقنا وثقافتنا وكرامتنا وهويتنا، والكل أصبح يتباهى بظلمه ووقاحته، فاختلطت الاسماء والمفردات وتمادى كل على الآخر، وضاعت الحقيقة في الأوراق المبعثرة.
ولنعترف بالحقيقة اننا غيبنا دور المنابر الدينية والإعلامية الجادة والفكرية، وتمت محاربة العقول المشرفة من علماء الأمة من مفكرين وأطباء وكتاب ورجال دين.