في تمام الساعة الرابعة والربع صباحاً أفيق من ذاك الحلم الغريب الملامح على أجمل صوت سمعته في حياتي ( صوت أمي ) : قوم يما قوم اتسحر عملتلك عجوة ، قوم .. هسا بإذّن وبتروح عليك ، قوم يما .
أفتح عينيّ ولكن فتحات أنفي سبقتهما بالاستيقاظ واشتمام رائحة السمن المطبوخ فيه العجوة ، فافيق مترنحاً وأصل المِغسلة وأنام من جديد أمام المرآة حتى يأتي وقت الصرخة المدوية التي تقارب أن تخرق طبلة أذني : ياللا يااا ولد قرّب يأذن ، حيث كانت أمي مديرة مدرسة وصرختها كانت مدوية ولها تأثير كبير ومخيف .
أصل المطبخ فتلمح عيني الوعاء البلاستيكي الزهري اللون ، نعم هو نفسه الوعاء الذي تنقع فيه أمي الأرز وهو نفسه الذي تغسل فيه الفواكه والخضروات وهو نفسه الذي تفرط فيه الرمان ، ولكن هذه المرة تنقع فيه ( القمر دين ) فتبادر في ذهني بسرعة أن أسألها يا يمه : هو ليش سموه قمر دين ؟
فتجيبني ذاك الجواب المقنع : يمه انت لسى نايم اقعد اتسحر واشرب مي وارجع نام .
نمت وحلمت من جديد في ذاك الحلم الغريب الملامح ولكن حين صحوت كان حلقي ناشفا على غير عادة وشفتاي بيضاوتان وراسي تؤلمني وضلوعي تهتز ، لماذا ؟ لا اعرف ولكن هذه تأثيرات رمضان !!
استقبل رمضان هذه السنة دون حلم غريب لاننا نعيش في حلم غريب الآن أصلا ، حلم او كابوس مخيف من عدو لا نراه ولا نعرفه وعنا غريب !!! ولكن ما زالت طقوس العجوة ترافقني حتى بعد رحيل أمي الى الرفيق الاعلى ، وما زال رمضان يشعرني بجفاف الحلق والعطش ، ويارب أن يكون رمضان هذه السنة شهر محبة وأمان وأن نكون بخير مع الخلان .