الفكر الاقتصادي بعد جائحة الكورونا .. الى اين؟
حاتم فاعور الهنداوي
23-04-2020 04:59 PM
المتابع لتاريخ الفكر الاقتصادي أن يجد علاقة ما بين ظهور المدارس الاقتصادية والقرارات الاقتصادية الكبرى التي تحكمت وما زالت تتحكم في مجرى وسير الاقتصاد العالمي وبين الاحداث التاريخية التي اتصفت بالطابع العالمي، فعلى سبيل المثال ظهرت المدرسة الكينزية خلال الركود العظيم الذي بدأ بالظهور في عام 1929 وذلك لفهم اسبابه ووضع السياسات الاقتصادية لمعالجة اثاره وتجنيب الاقتصاد الوقوع في الركود مرة اخرى.
وفي عام 1944 اي مع اقتراب انتصار الولايات المتحدة بالحرب العالمية وقعت اتفاقية (Bretton Woods) والتي انشئت نظاما نقديا عالميا جديدا يتخلص باستبدال القاعدة الذهبية بالدولار الاميريكي، وكان من ابرز نتائج هذه الاتفاقية سيطرة الولايات المتحدة الاميريكية على الاقتصاد العالمي بحيث اصبحت الدولة الوحيدة في العالم القادرة على طبع النقد دون انهيار سعر صرفه.
إن ما يحدث من انتشار لوباء الكورونا اشبه ما يكون بالاحداث التاريخية الكبرى فقد وصل تأثيره الى اقتصاد جميع بلاد العالم، وبما أن هيكلية الاقتصاد في الوقت الحاضر تختلف عما كانت عليه في ثلاثنيات واربعينات القرن الماضي فسيكون حتميا ظهور مدارس اقتصادية جديدة او قرارات اقتصادية مصيرية تحدد انماط التجارة الدولية، اسعار الصرف، ظهور عملات موحدة، تغيير قوانين الهجرة وانتقال العمالة، التجارة الالكترونية والسياسات المالية والنقدية.
هذه السياسات ستضمن مصالح الدول العظمى وتدعم قيادية هذه الدول للعالم وترسخ مبدأ التبعية الاقتصادية للدول الفقيرة. وستخلق تحديات لادارة مؤسسات العامة والخاصة في جميع الدول.
اذا ما حدث هذا السيناريو فيجب علينا ان ندرك بأن التوصيات والحلول الاقتصادية التقليدية لن تجدي نفعا. ويجب البدء بالتفكير من الان بدفع الاكاديميين الاردنيين في الجامعات الاردنية والاجبينة وكل العاملين والمتهمين بالشأن الاقتصادي بالبحث عن افكار وحلول ابداعية فيما يتعلق بجميع الجوانب الاقتصادية من سياسات نقدية ومالية وسوق العمل وتقديم تلك الافكار الى مؤسسة رسمية تحددها الدولة لبحثها واستخلاص المفيد والواقعي منها، وحتى تكون بمثابة دستورا اقتصاديا للدولة الاردنية.