ائتلاف إسرائيلي باتجاه اليمين
د.محمد المومني
23-04-2020 12:03 AM
بعد سنة من عدم الاستقرار السياسي وإجراء ثلاثة انتخابات، وبعد مسار تفاوضي متعرج لتشكيل حكومة ائتلافية بين القوى السياسية الأكبر التي فازت بانتخابات الكنيست، وقع غانتس ونتنياهو بصفتيهما رئيسي أكبر كتلتين سياسيتين في الكنيست اتفاقا لتشكيل حكومة ائتلافية يتناوب فيها حزب الليكود وحزب أزرق أبيض على رئاسة الحكومة، ابتداء بالليكود لمدة 18 شهرا يكون فيها نتنياهو رئيسا للحكومة ليخلفه غانتس لمدة 18 شهرا أخرى. بموجب الاتفاق، يحتفظ حزب أزرق أبيض بحقائب الدفاع والخارجية والعدل وهي وزارات سيادية مهمة. غانتس وافق على ضم المستوطنات وضم غور الأردن من الضفة الغربية ما يجعل الائتلاف يمينيا متماهيا مع صفقة القرن التي أعطت إسرائيل كل ما تريد.
غانتس تلقى وابلا من النقد بسبب هذا الاتفاق، منتقدوه اعتبروا أنه رمى طوق النجاة لنتنياهو، وأنه انقلب على وعوده بعدم تشكيل حكومة مع الليكود، وأنه بهذا الاتفاق إنما يعطي شرعية وحماية لنتنياهو في تهم الفساد والرشوة التي تلاحقه بالقضاء. بالمقابل فإن زعيم حزب أزرق أبيض كان أمام خيارين: إما هذا الاتفاق، أو انتخابات جديدة رابعة لا يبدو أن فرص حزبه فيها أفضل حالا، كما أنه يقود ائتلافا حزبيا بدأ يتصدع مبكرا كونه يجمع أعضاء تتباين مواقفهم لا يجمعهم إلا الرغبة في الفوز على نتنياهو ولكنهم غير متفقين في كثير من التفاصيل على السياسات. غانتس يرى في هذا الاتفاق فرصة ليشارك فيها وحزبه في الحكم، وهي إن نجحت يكون قد حصل على رئاسة الحكومة بعد 18 شهرا من الآن، وإن أدين نتنياهو بالمحكمة ينفض الاتفاق وتجري انتخابات جديدة بدون نتنياهو تكون فرص حزب أزرق أبيض فيها أفضل بكثير.
على الأقل نتنياهو لا يقود الحكومة منفردا الآن، وهو بحاجة لموافقة غانتس على القرارات المفصلية، ما يعني أن الحكومة الائتلافية بكل الأحوال ليست أسوأ من حكومة يقودها الليكود منفردا. أما على صعيد ضم الضفة، فالقرار للآن معلق بانتظار ضوء أخضر على التفاصيل من واشنطن التي قالت في صفقة القرن إن هناك دولة فلسطينية وإن كانت تفاصيلها منافية تماما لما قد يقبله الفلسطينيون، ولكن لن يكون هناك موافقة على ضم أراض دون احتساب لإمكانية قيام دولة فلسطينية. ضم الكتل الاستيطانية أمر وافق عليه الفلسطينيون سابقا ضمن حدود ونسب معينة، وضمن مبدأ تبادل الأراضي أي أن يعطى الفلسطينيون أراضي بنفس نسبة وقيمة الأراضي التي عليها المستوطنات وستضمها إسرائيل. تبقى المشكلة بضم الغور الذي سيعني انتقاصا كبيرا لمشروع الدولة الفلسطينية التي ستصبح محاطة بإسرائيل من كل جانب ولا حدود لها مع الأردن. كان الطرح سابقا أن يكون هناك قوات دولية أو أميركية لحراسة الحدود في الغور الفلسطيني ولكن الطرح الآن ضمها لإسرائيل ليحرسها جيشها وبذات الوقت أخذ كل خيراتها الزراعية. غير واضح للآن إذا كان المقصود بالضم تواجدا عسكريا إسرائيليا أم ضما كاملا للأرض والناس والزراعة وكل ما يتواجد بالغور.
في هذا النزاع المعقد، الشيطان يكمن دوما بالتفاصيل، لننتظر ونرى إلى أي درجة سيؤثر وجود غانتس على يمينية قرارات نتنياهو.
الغد