من قال أن الأردنيين ليسوا خفيفوا ظل يجانبه الصواب، فعديد الأخبار حمالة الأوجه، سرعان ما يجدون سبيلا لقولبتها وتحويلها إلى فكاهة يتداولها الآلاف عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بعد أن وجدوا فيها ضالتهم ورأوا فيها مملكتهم الخاصة، ومنبرا يبثون ويعبرون فيه عن آمالهم وأوجاعهم وتطلعاتهم، كل من زاويته بإطار لا يخلوا من الدعابة، ففي الوقت الذي يتلقف فيه الشارع واحدا من هذه الأخبار، يصبح في غضون سويعات حديث الشارع وينتشر كما النار في الهشيم.
ولعل الفكاهة التي يتميز بها أشقاؤنا المصريون بما عرف عنهم من خفة ظل، بات ينافسهم فيها الأردنيون بضراوة، بعد أن أبدعوا في توظيف تكنولوجيا الاتصال الحديثة، بما يبدد أنموذج الأردني صاحب الكشرة والعقدة التي لا تفارق محياه.
المفارقة بين استبدال الكشرة بالابتسامة، والجدية بخفة الظل في كثير من الاحيان، ومنذ فترة ليست بالبعيدة، لم تأخذ نصيبها من النقاش ولو على صعيد العصف الذهني بين المختصين، فتحوُل مزاج الشارع الأردني بهذه السرعة بات يشكل حالة عامة تستحق برأيي أن تستوقف أساتذة علم الاجتماع ودراستها بعناية.
واستنادا إلى مقولة بأن "حكي القرايا غير حكي السرايا"، يدلل بأن تحول المزاج بهذا القدر الملفت، يأتي في سياق بدا وكأنه قرار جمعي اتفق عليه الأردنيون دون ترتيب أو توظيب، وجاء ردا مباشرا للانتصار على مصاعب الحياة، وكل الآفات الاجتماعية التي خلفها الفقر والبطالة، وسقوط نظرية تكافؤ الفرص، وبعض العناوين الكبيرة التي يفتي بها البعض ويرددها دون أي مضمون يذكر، والتي سرعان ما تصطدم بواقع صد يتعذر معه أن تجد سبيلا إلى النور، فأصبحت لا تغدو أكثر من شعارات جوفاء ومثارا للتندر بقالب لاذع أحيانا، لا يخلو من خفة الدم والطرفة.
ولمن لا يعرف فإن للضحك فوائد صحية عديدة، إذ أنه يقي من بعض الأمراض، ويرفع أداء جهاز المناعة في الجسم، إلى جانب أنه يشكل حالة فريدة في الرد على تذاكي وفهلوة الشطار.
وأقتبس في هذا المقام مقولة للزعيم والسياسي العربي المصري مصطفى كامل، "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس"، فاليأس إن تسلل إلى نفوس البشر، سيحجب بالضرورة طريق النجاح، لذلك أحبوا الحياة وافرحوا، وتغلبوا على مصاعبها في ابتسامة، لعلها تكون البلسم الشافي.