كورونا يحرم الملايين من العناق والمصافحة
21-04-2020 06:16 PM
عمون - كثير من نعم الحياة لم نعرف قيمتها حتى فقدناها في ظل الإجراءات الاستثنائية التي فرضت على العالم بسبب انتشار فيروس كورونا، وتوصيات منظمات الصحة وقرارات الحكومات بالبقاء في المنازل للحد من انتشار الفيروس، فتوقفت اجتماعات الأهل والأصدقاء وبدأت أزمة الحاجة إلى التلامس وصعوبة الاستمرار في هذه الحالة دون عناق من نحب لنشعر بشيء من الأمان والمواساة.
قد تصل آثار العزل الاجتماعي السلبية إلى الإصابة بالاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، ولذلك نحتاج جميعا إلى الدعم النفسي ممن حولنا، حتى تنقضي هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة. والاتصال الجسدي أحد أقوى طرق الدعم النفسي، ولكنه يكاد يكون منعدما الآن، لا سيما بين الملتزمين بالإجراءات الاحترازية الوقائية، ويمكن أن يكون منقطعا تماما في حالات المغتربين أو المنعزلين في أماكن بمفردهم. فما هي آثار افتقار اللمس وكيفية التغلب عليها؟
أهمية الاتصال الجسدي
لحاسة اللمس تأثير إيجابي، إذ يشعر الإنسان بالأمان والاحتواء، وهو ما ينعكس على تعبيرات الوجه ونبرة الصوت، كما يحمي من الآثار النفسية الضارة للتوتر والقلق ويعزز إفراز هرمون السيروتونين، مضاد الاكتئاب الطبيعي في الجسم.
تشرح الطبيبة النفسية لوسي بيريسفورد سبب الشغف باللمس قائلة إنه "حاسة أساسية منذ الولادة للتعبير عن الحب والاهتمام، ومن الناحية النفسية أظهرت بعض الدراسات أن التلامس يحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يعتبر هرمون السعادة، وهو ما يساعد على ارتباط الأم بالطفل، فما يتلقاه الطفل من عناق وتدليك يشعره بالاعتناء والمحبة والهدوء".
كما يساعد اللمس في الشعور بالاسترخاء والرغبة في النوم، وذلك لدوره في تهدئة الجهاز العصبي وتخفيض ضربات القلب وضغط الدم، وله أيضا قدرة كبيرة على تخفيض نسبة الكولسترول في الدم. كما يعمل على خفض مستوى هرمون الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يقلل من قدرة الجسم على محاربة الفيروسات والبكتيريا، بحسب المكتبة الوطنية الأميركية للطب.
وكشفت دراسة نشرت عام 2017، أن تأثير اللمس المصحوب بالتعاطف يشبه تأثير مسكنات الألم، فتلقي عناق من صديق يساعد على إفراز هرمونات الدوبامين والأوكسيتوسين التي تعزز الجهاز المناعي، وفقا لمجلة "نيتشر".
تأثير افتقار التلامس
ولجميع ما سبق، فإن افتقار التلامس أو انقطاعه خلال فترة العزل الاجتماعي أمر لا يستهان به، وله تأثير حقيقي على الصحة العقلية. ومع مشاعر الخوف والقلق التي نشعر بها جميعا، تزداد حاجتنا إلى الشعور باللمس لنشعر بالأمان والمواساة لتخفيف المشاعر السلبية.
تقول الطبيبة النفسية شارون فاربر في مقالها لموقع "سيكولوجي توداي" إنه "عندما يفتقد الإنسان الحب واللمس فقد يدفعه ذلك إلى إيذاء نفسه جسديا، مثل اضطرابات الطعام وتشويه الذات".
كما أوضحت الطبيبة النفسية كلوي بايدوسيس لموقع "هافينغتون بوست" (النسخة البريطانية) أن نقص الاتصال الجسدي أو انقطاعه يمكن أن يصيب البعض بالاكتئاب والقلق والشعور بالانزعاج والحزن والوحدة.
ولكن الحصول على فوائد التلامس ليس مستحيلا، حتى وإن كنت في عزل منزلي بمفردك، فما زالت هناك بعض الأنشطة التي يمكن أن تمدك بمشاعر التلامس.
التغلب على آثار غياب التلامس
- عناق افتراضي
تقول لوسي إن العناقات الافتراضية في مكالمات الفيديو مع الأهل والأصدقاء يمكن أن تساعد في إيصال مشاعر الاتصال الجسدي إليك، "ففي مكالمات الفيديو مع العائلة والأصدقاء، خصص وقتا لعناق نفسك، وهم أيضا يردون عليك بمثلها، وحتى لو اعتبرتها شيئا سخيفا ومضحكا، فهذا مفيد لتخفيف الضغط".
- التمارين الرياضية
التمارين الرياضية في المنزل أو حتى المشي سريعا داخل البيت، تحفز مستقبلات الضغط في القدم.
- التمدد
تذكر أستاذة علم النفس والطب النفسي بجامعة ميامي ومديرة معهد "لمس" للأبحاث تيفاني فيلد أن التمدد على الأرض ببساطة يحرك الجلد، ويضغط على مستقبلات الضغط التي يترتب عليها تقليل هرمونات التوتر.
- التحية الصحية
وتشير تيفاني إلى أن طريقة الترحيب التي عُرفت مؤخرا بسبب الفيروس عبر ملامسة المرفق بدلا من المصافحة المعتادة، لها تأثير إيجابي، إذ لكونها طريقة غير مألوفة فإنها تجعل اللحظة أكثر تفاعلا وتأثيرها أقوى، كما أنها تضيف شيئا من المرح، وهو المطلوب لتخفيف التوتر والقلق.
- التأمل والتنفس
ينصح الأطباء النفسيون بممارسة التأمل واليوغا لقدرتهما على تقليل هرمونات التوتر، أو كتابة اليوميات، أو الاستماع لمقاطع موسيقية مفضلة لك، وأيضا ممارسة التنفس بهدوء لتعزيز الاتصال بالنفس وتخفيف شعور القلق والخوف، وهو يشبه تأثير اللمس.(وكالات)