لماذا يختفون في الازمات!!
د. زيد نوايسة
21-04-2020 12:44 AM
يطرح الناس سؤالا مهما وهم محقون في ذلك؛ حول غياب التبرعات المالية أو تواضعها المخجل احيانا للصناديق التي أعلنت عنها الحكومة بموجب أمر دفاع وأبرزها صندوق همة وطن؛ مجموعة كبيرة من الشركات ورجال الاعمال والاثرياء وبعض أهل السياسية الذين انتقلوا من مجرد موظفين عاديين دخولهم محدودة الى ملاك شركات كبرى تعمل في مجالات الطاقة والبنوك والتأمين والمقاولات والمستلزمات الطبية والورق الصحي وغيرها من المجالات وصاروا أرقاماً صعبة في الأقتصاد؛ وكلنا يدرك أن الفرص والامتيازات التي حصلوا عليها ما كانت لتكون لولا أن الدولة كرمتهم وصيرتهم وزراء ورؤساء واعيان ورؤساء مجالس إدارة وأصحاب حظوة ورأي مسموع ونالوا مكانة اقتصادية واجتماعية؛ بل أننا عندما كنا نستمع لاحاديثهم عن الاردن وصوفيتهم وقداستهم الوطنية في حبه نشعر بالخجل من أنفسنا وبتقصير لا حدود له امام مخزونهم الوطني.
صحيح أن كثيرا من الشركات الحكومية والمساهمة العامة والشخصيات ورجال الأعمال قدموا مساهمة مقدرة ويستحقون الشكر والثناء عليها لكن مبلغ ثمانين مليون في بلد ودائع البنوك فيه تقارب اربعين مليار معظمها لاثرياء هو مبلغ متواضع جداً وربما مخجل؛ خاصة وأن اسماء كثيرة من الشركات الذين شكلت لهم جائحة كورونا فرصة لثراء غير مسبوق ولا داعي لذكرهم هنا فهم معروفون للأسف بل أن الحكومة العتيدة صيرت بعضهم اعضاء في لجان الحلول الاقتصادية وكان حريا بها وقد قررت أن تكرمهم وتؤكد ثقتها بهم أن تذكرهم بواجباتهم نحو بلادهم التي وضعتهم على خارطة الاقتصاد العربي والاقليمي، ولعل السؤال مشروع عن رجال الأعمال الأثرياء في بلاد الاغتراب الذي خفتت اصواتهم وغابوا عن المشهد فالوطن ليس فقط جواز سفر ينال حامله احترام كل دول العالم.
وقوف الجميع مع الأردن حق وواجب مقدس ولكن كيف تستطيع الحكومة أن تقنع الموظف البسيط الذي اقتطعت منه الزيادة والعلاوات بأنها ستدفعها مساهمة من الجميع في التكافل والتعاضد للموظفين في القطاع الخاص الذي يتمنع فيه اصحاب الشركات الكبرى عن دفع اجور موظفيهم لكنهم يستمرون في جني الارباح؛ ولعل مثال بعض المدارس الخاصة والكبرى خصوصا منها التي تطالب الاهالي بدفع الرسوم والمواصلات وإلا ستتوقف منصة التعليم عن بعد عن ابناءهم في حين انها ترمي على الحكومة مسؤولية دفع رواتب المعلمين يعطي انطباع عن تعاطي فئة من هؤلاء الاثرياء مع الأزمة.
تعاطي العالم مع تداعيات الأزمة اقتصاديا أثبتت أن معايير الانتماء الوطني هي التي حركت الشركات الكبرى واصحابها والمشاهير في الفن والرياضة وصناعة التكنولوجيا بالتبرع السخي للمساهمة في تخفيف التداعيات الاقتصادية والاجتماعية بل أن بيل غتس عملاق البرمجيات تبرع ايضا للبحث العلمي للمساعدة في اكتشاف لقاح مستقبلاً.
المثير هنا للتساؤل أن هناك محاولة ثناء واشادة وترويج وإعطاء بعض التبرعات البسيطة والتي لا تتجاوز الاف الدنانير باعتبارها انجازاً تاريخيا وهي فتات قياساً على حجم الثروات الحقيقية لدى هؤلاء وهي لا تتجاوز أن تبدو وكأنها جزء من مصاريف الدعاية والاعلان بينما يتم تغاضي بعض التبرعات الكبرى من قبل بعض الشركات والشخصيات في اطار المناكفة السياسية وللأسف يقوم بهذه المهمة مسوؤلين سابقين ومنهم وزراء نسوا أو تناسوا الأزمة وتفرغوا لمجاملة بعض رجال الأعمال والهجوم على البعض في اطار المناكفة السياسية.
في مثل هذه الظروف الاستثنائية يتوقف كل الكلام الفائض عن الحاجة وتظهر قيم الانتماء الحقيقي التي تتكرس للأبد، فالشعر والاغاني والأهازيج ومعزوفات الانتماء الوطني تبدو بلا قيمة إذا لم يصاحبها فعل حقيقي من هؤلاء الذين يتعاملون مع الأردن كمحطة انطلق ووبيئة سياسية آمنه مكنتهم بفعل مكانته العربية والأقليمية والدولية من جني هذه الثروات.
هي لحظة فارقة في تاريخ بلادنا والتاريخ كتاب مفتوح سيسجل في صفحاته أولئك الذين انحازوا لبلادهم بمداد من الفخار والذين اختاروا أن يبتعدوا.