النظام الدولي الراهن ووباء الكورونا
المحامي مازن الحديد
20-04-2020 10:29 PM
افتقار النظام الدولي الجديد لقيادة عالمية حقيقية ساهم بشكل كبير في انتشار وباء الكورونا في اغلب اصقاع المعمورة ومن الممكن ان يؤدي الى اضعاف قابلية التجاوب والصمود الدولي في التعاطي مع تداعيات هذا الوباء الاقتصادية. فبعد ثلاث عقود من الهيمنة الامريكية على الشؤون الدولية باعتبار ان النظام الدولي هو الولايات المتحدة و الولايات المتحدة هي النظام الدولي عبر سياسة القطب الأوحد التي احتفلت "بنهاية التاريخ" المتمثل بانتصار النموذج الرأسمالي الغربي (حسب نظرية فوكوياما) عبر ترجمة طموحها الدولي واطماعها بإجراءات اضعفت مبدأ العدالة الدولية واسقطت معيار الامن الجماعي وخرجت عن المنظومة الدولية بتجاوزات قانونية على مواثيق و قرارات اممية وخروقات لاتفاقيات دولية ومن بين ذلك مثالا وليس حصرا عدوانها على العراق الشقيق في العام 2003.
الا انه ومنذ سنوات وفي عهد رئيسها السابق باراك اوباما لاحظنا تراجع الولايات المتحدة كقوة عالمية مهيمنة خاصة في منطقة الشرق الأوسط فلم تعد هي اللاعب الوحيد بحيث لم يتحقق لها ما تريد في اغلب القضايا والازمات العالقة في المنطقة فأصبحت تتهادن تارة وتتراجع تارة أخرى ومثال ذلك الصفقة مع ايران وموقفها في سوريا وما اتصل بالخط الأحمر المتمثل بتعهدها بتنفيذ تدخل عسكري في حال استعمال الحكومة السورية لأسلحة كيميائية بالإضافة الى عدم قدرتها على فرض ارادتها على الحكومة الاسرائيلية، بحيث كشف هذا التراجع الدولي للولايات المتحدة عن انحسار قوتها ودخول النظام الدولي مرحلة انتقالية تؤذن بنهاية القطب الواحد وتعلن عن قرب مرحلة تعدد الأقطاب.
ولم يشكل انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب مفاجأة بل صندوقا مليئا بالمفاجئات بحيث ستنقضي فترة ولايته ولم يرى العالم بعد ما تحمل جعبته منها، وفيما يخص موضع الولايات المتحدة في النظام الدولي فقد أدت سنوات توليه للبيت الأبيض من تسارع وتيرة افول النظام القطب الواحد ودخولنا للمرحلة الهلامية الانتقالية للنظام الدولي عبر ادراته للعلاقات الدولية بعقلية سمساريه يغيب عنها المنهجية الاستراتيجية بكافة ابعادها الزمنية وتتناقض حتى مع مصالح بلاده الأمنية. وبعهده تراجعت وبسبق الإصرار والترصد من قبل ادارته دور المنظمة الدولية وأضعف مبدأ الامن الجماعي وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ ومن عضوية مجلس حقوق الانسان الدولي ومن منظمة اليونسكو والتنمر على الاونروا والتعاطي مع قضية ذات قدسية وهي القضية الفلسطينية بعقلية السمسار واصفا مقترحه الغاشم بالصفقة.
الا ان ما حدث مؤخراً بتعليقه للدعم المالي للمنظمة الصحة العالمية في هذا المنعطف الحساس كعقاب للمنظمة بسبب ما وصفه بسوء ادارتها لازمة وباء الكورونا المستجد بالرغم من انها منخرطة حالياً وفي الصفوف الامامية في الحرب ضد هذا الوباء يمكن اعتباره كعقوبة جماعية للمجتمع الدولي قد ترتقي الى ان تصنف بجريمة ضد الإنسانية بموجب نصوص القانون الجنائي الدولي.
وفي المقابل يثبت جلالة الملك المعظم حفطه الله ورعاه للعالم اجمع الروح القيادية والنهج الانساني ويرسخ المبدأ المتمثل بالجميع للفرد والفرد للجميع بحيث يستدل ذلك في مقابلته مع شبكة سي بي اس الامريكية الى انه يسعى للعمل على حماية الإنسانية اجمع ومد يد العون للأصدقاء في المنطقة وحول العالم وحماية الفئات المستضعفة من اللاجئين ومؤكداً على ضرورة التكاتف الدولي لمواجهة الوباء وتداعياته وضرورة الاستعداد للمواجهات التالية بشكل جماعي وجهد مشترك.