ما يميز جائحة كورونا أن صانع السياسة المحلية يأخذ إملاءته من اللجان الطبية وبالتنسيق مع المؤسسة العسكرية على عكس ما كان سابقاً، عادة تصنع السياسة بأقلام أصحاب رأس المال وعليه قد نجدهم يتخبطون في ظل هذه الجائحة بسبب إغلاق مصالحهم.
لاحظ الجميع وجود رضى شعبي تكاتف الحكومة والمؤسسة العسكرية معاً، وتمثل ذلك بحجم التنسيق والتناغم بين مؤسسات الدولة وحتى السياسة النقدية والسياسة المالية على حد سواء في ظل هذه الجائحة. إن المملكة وبكل أركانها ومكوناتها آثرت على نفسها اقتصادياً وتحملت تبعات اقتصادية على حساب سلامة وصحة المواطنين، ولهم منا كل الشكر.
اقتصادياً أبدأ من تقرير صندوق النقد الدولي وأقتبس هنا: "موجة انكماش عالمي وتوقع انكماش اقتصاد الأردن بنسبة 3.7%، وأن ينكمش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 7.5%، ويتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإماراتي بنسبة 3.5%، وتوقع بانكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة 12%، وحتى الاقتصاد القطري فمن المتوقع أن ينكمش بنسبة 4.3%". مما يعني أن جميع دول المعمورة المصدرة وغير المصدرة للنفط سوف تعاني من الانكماش الاقتصادي.
اقتبس هنا أيضاً أن الصندوق عاود التأكيد على أن السياسات الحكومية الفعالة لمنع حدوث نتائج أسوء رغم تأثيرها قصير المدى عن النشاط الاقتصادي، لكنها في الواقع استثمار مهم في صحة الانسان والاقتصاد على المدى الطويل، وهذا حرفياً ما قامت به الحكومة الأردنية منذ بداية الجائحة.
وفي التقرير أيضاً امتدح الصندوق سياسات البنك المركزي والمتضمنة التحفيز النقدي وضخ السيولة وعاود التقرير ذكر أن الاقتصاد الأردني سيعاود النمو في العام المقبل 2021 بنسبة تصل إلى 3.7%.
وحتى لا أطيل، يجري حالياً التفاوض مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة التمويل، والجميع يعلم أن صندوق النقد لا يقدم أي قروض أو منح إلا إذا وجد متانة في الاقتصاد وقدرة على الوفاء بالالتزامات حاله حال أي مؤسسة إقراض.
جميعنا يعلم أن الدولة تقترض بالعادة لغايات العجز الجاري أو الرأسمالي، إن مبلغ 450 مليون دينار والذي يمثل حجم رواتب القطاع العام بالأردن لا يحتاج إلى هذا الهلع، حيث أن الدولة لديها من أدوات قادرة على تلبية الاحتياجات على المدى القصير والمتوسط.
في المقابل، على مدى مئة عام ونحن نعاني من أزمات وظروف محيطة أصعب من جائحة كورونا، ومع ذلك تجد الانسجام والتكاتف بين أفراد المجتمع قيادة وحكومة وشعب.
ما أود أن أشير له هنا هو أننا نتابع وبشغف جهود الأفراد والمؤسسات، وأخص هنا تحديداً صندوق "همة وطن" والذي استطاع أن يجمع أكثر من 70 مليون دينار في أول أسبوع من انطلاقته، إن الأردن بلد معطاء وخيّر.