المتتبع عن كثب ويراقب تطنيش الحكومة وصم آذانها عن مطالب الصحفيين العاملين في المؤسسات الصحفية، وحق هذه الفئة في ضمان العيش الكريم لهم ولأسرهم ولو في حده الأدنى، تتملكه الحيرة ويضع عشرات علامات الاستفهام، أمام هذا الصمت الحكومي، لا سيما وأن هذه الصحافة لعبت وما زالت دور صمام الأمان في الكثير من الملفات الشائكة، وكانت على الدوام فزعة الوطن وذراع الدولة القوي الذي لا يلين ولا يكسر في أكثر من منحى.
لا نريد الخوض في التفاصيل فما خفي أعظم وأكبر، والمطلعون على واقع الحال كثر ولا داعي ل"النبش" في ذاكرتهم وإحياء ملفات كانت ثقيلة حملتها وتبنتها تلك المؤسسات واعتبرتها واجبا يضاف إلى سجل شرفها المهني، وكانت خير المحامي والمدافع عنها.
وبالرغم من الدور الوطني الذي تفانت في تبنيه هذه المؤسسات الصحفية، قابله عقوق وجحود حكومي تجلى تجاه الدور المستفز في اللعب بمصائر هذه الصحف عبر "طوربيدات" هزت رسالتها ونالت من مهنيتها بسياسات تعيين تم اختيار بعضها ممن هم ليسوا على درجة عالية من الكفاءة والمهنية، سواء أكان على صعيد مجالس الإدارات أو غيرها.
وبالرغم من الظروف المالية الصعبة التي تعاني منها هذه المؤسسات لا زالت صامدة في وجه رياح السياسات الحكومية العاتية التي أثقلت كاهلها وأوصلتها إلى تلك النتيجة الحتمية،وهي إذ تعمل بكل طاقاتها لتطوير منتجها، ذخيرتها صحافيون يمتلكون ناصية المهنة تحلوا بالصبر حبا وانتماء لمؤسساتهم، وخوفا منهم على مصدر رزقهم، ووقفوا إلى جانب صحفهم بلا زيادات سنوية لسنيّ طويلة وتأخر في استلام معاشاتهم التي تآكلت أصلا بفعل عوامل التضخم وغلاء المعيشة.
الكفاءات الصحفية والإدارية التي تزخر بها مؤسساتنا واجب على الدولة أن تحافظ عليها وتضمن لهم سبل العيش الآمن والمستقر والكريم، وأن لا تضيفهم إلى سجلات المتعطلين عن العمل، في ظل محدودية وندرة فرص العمل في السوق المحلي .
يقال "إن خليت بليت"، قناعتي أن هناك صراع خفي بين بعض الأقطاب منهم من ينتصر للصحافة ودورها، والآخر يعمل على دثر ارثها ووجودها، من سينتصر لا أعلم، لكن ما أنا متيقن منه، ليس في مصلحة الأوطان أن تطوى صفحات مؤسسات ساهمت في لعب دور تنويري، كانت وما زالت الدولة بحاجته حتى اليوم، سنبقى نراهن على صوت الحكمة وصحوة الضمير.