* سيكولوجية الأوبئة:
-يمكن القول أن الوباء (فيروس كونورا) من الأوبئة النادرة التي توصف بسرعة الانتشار والتي تؤدي إلى توقف الكمّ الهائل من مناشط الحياة البشرية، والأخطر من ذلك أن هذا الوباء يسبب القلق، فردياً واجتماعياً، ويكون هذا القلق مزدوجاً: نفسياً وفكرياً: فالبعد النفسي يحرّك ما يسمى (بسيكولوجية الأوبئة) ومدى تأثير ذلك على الدوافع النفسية للسلوك الفردي والمجتمعي، والبعد الفكري يحرّك التساؤل حول (ما بعد الوباء)؟
-ويؤثر هذان البعدان، مجتمعي، في السلوك الفردي والاجتماعي، وتختلف المجتمعات في تفاعلها مع عملية التغير الاجتماعي، المصاحب لمرحلة الوباء، وما بعده، كماّ ونوعاً، في منظومة القيم والسلوك والأمن الذاتي والمجتمعي... ويرتبط ذلك بمدى ثقة المجتمع بمؤسساته وكفاءة تلك المؤسسات في التصدي وفي التفاعل مع الحالة الوبائية وتداعياتها .
*تداعيات الوباء:
-أن من أهم التداعيات أو التحديات التي يفرضها (الوباء التحرّك السريع، وطنياً، لوضع ضوابط وقائية من شأنها أن تبدد القلق المجتمعي، وتبعث الطمأنينة في النفوس من أجل السلامة العامة للمجتمع معتمدة أساليب ووسائل قد لا تكون مألوفة في الحياة اليومية وفي السلوك الاجتماعي مثل (التباعد الاجتماعي) و(البقاء في البيت) والالتزام التام بالإجراءات والمتطلبات السلوكية لذلك: وكلما كانت درجة الالتزام المجتمعي بالتدابير الوقائية عالية، كلما كان ذلك تعبيراً عن الشعور بالمسؤولية الفردية والمجتمعية، بروح عالية من المواطنة، فأخلاقيات المواطنة تظهر في التعامل مع الإجراءات الوقائية ايجابياً، وفي التكيف مع متطلبات تلك الإجراءات في السلوك الفردي والاجتماعي، كما تظهر في مستوى (الوعي المجتمعي) وقدره المجتمع على التعامل والتعايش مع المتطلبات السلوكية لنجاح تلك الإجراءات التغيرات السلوكية:
*التغيرات السلوكية:
-لقد أصبح من الأهمية بل ومن الضرورة، إثناء هذا الوباء وما بعده، أن يتهيأ المجتمع لاستيعاب المتغيرات السلوكية المجتمعية بدرجة عالية من الإدراك والمرونة والتكيّف من اجل إعادة صيانة السلوك الاجتماعي والعادات المجتمعية بما يتناسب مع (المرحلة الوبائية) ومعطياتها المستقبلية: فتعزيز العلاقات الاجتماعية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وتنظيم المناشط (المجتمعية من خلال نشر (الوعي الثقافي) وتمكين التباعد الاجتماعي، وإتباع سلوك الحد الأدنى من التواصل ما بين البشر في مختلف مجالات العمل والتسوّق... والحياة الاجتماعية. كل ذلك، قد بتطور ليصبح النمط السائد في السلك الاجتماعي، وليس الاستثناء.
* وأخيراً:
-أن من أهم الايجابيات في مرحلة أزمة (وباء فيروس كونورا) ضرورة تغلّب النزعة المجتمعية على الفردية: حيث مصير الفرد يرتبط بمصير المجتمع، وحيث الشعور التضامني أساس التماسك المجتمعي، وحيث السلوك الاجتماعي الايجابي والتكيف مع الإجراءات الوقائية هو التعبير عن (أخلاقيات المواطنة).