*ماذا كتب احمد زكي باشا عن الاردنيين عام 1929
تتحدث وسائل الاعلام عن الاجراءات الاردنية في التعامل مع ازمة وباء كورونا ، وتأتي هذه كشهادات على كفاءة الاجهزة الاردنية وحسن التخطيط ،وايضا عن مستوى الوعي الاردني مما يدعونا للاعتزاز ببلدنا وان نواصل البناء على النجاح .
وفي غمرة ما يجري لنعود الى واحد وتسعين عاما خلت ، في عام 1929 حين نجح الاردن كامارة في اجراء انتخابات المجلس التشريعي وهذه في حينها كانت ديمقراطية عربية مبكرة ،وكتب عنها ايضا كثيرون خارج الاردن ، وهنا ننقل ما كتبه الاديب والمفكر العربي المصري احمد زكي باشا في جريدة فلسطين في عددها رقم 1223 الصادرة في يافا بتاريخ السادس من آب عام 1929 ،محييا الشعب الاردني بمناسبة انعقاد المجلس التشريعي الاول ،وقد استهل مقالته مخاطبا اهل شرق الاردن :
لله سماءٌ اظلتكم
لله ارض انبتتكم
لله عشيرة انجبتكم
فقد اقمتم يا بني العرب دليلاً جديداً في شرقي الاردن، على ان الدم الذي كان يقطر من ابائكم أَنفة وعزة وحمية، ما يزال يجري في عروقكم كرامة وشهامة ومجدا ،واسشهدتم الخافقين على ان العروبة التي علمت الدنيا المجد كيف يُنال ما برحت ماثلة في انفسكم همة وثابة وعزة جوابة .
ويضيف احمد زكي باشا في مقالة هذه مخاطباً اهل شرقي الاردن فيقول :- فاليكم ، اليكم عاطفة جياشة وثابة واماني حرة تنوء الطروس بثقلها ،وتضيق الدنيا باجلَّها، تحيات لو انها جاءت كما احب لكانت طاقات زهر من الآسْ والياسمين ،غير اني ارجو ان تروا فيها على جهد مُقّلْ بعض ما يجب على الكنانة لاولئك الاماجيد، الذين رفعوا رأس العروبة عالياً يوم ارسلوا صوتهم نحو ارجاء اقطار الارض مدوياً .
وتمضي رسالة احمد زكي باشا التي نشرت في السادس من آب من عام 1929م، وهو يخاطب اهل شرقي الاردن، مباركاً لهم خطوة تشكيل اول مجلس تشريعي فيقول :
فلعلي بصوتي الخافت اؤدي لهم بعض ما يحسه قلبي الخافق من واجبات التمجيد وفروض الاجلال ، واذا كان قد فاتني ان اشترك بذاتي في الاحتفال ان انهض فيه بدوري فاصافح الذين زأروا دون العرين، وابارك لهم من مسعاهم الموفق لخدمة الامة والوطن ، فاني حاضر معكم بعاطفتي ونفسي مشارك لكم في اجتماعكم .
ويختم احمد زكي باشا رسالته : ورُبّ بعيد بحسّه قريب بنفسه، وربّ مفارق بجسمه مواصل بروحه ،ما زالت ايامكم للعروبة عيداً موصولاً ، ولا برحت رجالاتكم موئلاً للمجد مرموقاً، وسلام الله عليكم مجتمعين وفُرادى ."
في غمرة أزمة كورونا يطيب استذكار مواقف اردنية مشرفة في تاريخها الذي اكتمل قرنها الاول ،ولن تكون ازمة الكورونا الا محطة في تاريخ الاردن تتحدث عن الهمة الوطنية ووعي الشعب وكبرياء القيادة وعزيمة الجيش والامن . فكما نقرأ عن مواقفنا عام 1929 وفي غيره ، فستقرأ الاجيال القدمة بعد ستين وتسعين سنة عن سيرة المجد الموصول والتفاخر بأنفة وشموخ وعزة .