يعيش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدياتً كبيرة في الفترة الراهنة لعدة أسبابٍ يمكن استنباطها من خلال خطاباته الأخيرة:
تحدّيات داخلية و تحدّيات خارجية:
التحدّيات الداخلية:
أولاً: إنقاذ الاقتصاد الأمريكي والمضيّ قُدماً بإعادة فتح المشاريع الصغيرة والمتوسطة بغضِّ النظر عن الإنتشار الرهيب الذي تعيشه الولايات المتحدة الأمريكية لفيروس كوفيد-19.
أشار ترامب إلى نيّته في اعادة مجرى الحياة بين الولايات إلى سابق عهدها وأعاده فتح المدارس!!!
نحن نتعامل الآن مع شخص اقتصادي وليس مع سياسي، ولطالما كان موضوع (أيهما أقوى الاقتصاد أم السياسة) مثار جدل ولكن ترامب الاقتصادي تغلّب على ترامب السياسي وعلى ترامب الإنسان، فها هو يجادل بإعادة تدوير العجلة الاقتصادية قبل نهاية شهر نيسان! و نراه يرمي بعرض الحائط كل شيء في سبيل استمرار اقتصاد بلاده -الذي ما انفكّ بوصفه بأنه الاقتصاد الأعظم في تاريخ العالم-
التحدّي الثاني الذي يعاني منه ترامب هو مشكلته مع الديمقراطيين: لقد نسي ترامب أو تناسى أن كوفيد-19 جائحة كونية عالمية ولا وقت لتسليط الضوء على خلافته الأزليّة مع الديمقراطيين ومع حكام بعض الولايات بشكل خاص، وكأنه يبرّر ذاته للعامّة و يقوم باستعراض بعض الفيديوهات التي تؤكّد ضمنياً انه لم يتباطأ في اتخاذ إجراءات الحدّ من انتشار كورونا! ذكّرتني بعض خطاباته وهو يستعرض إنجازاته التي لا تكاد تُذكَر لغاية اللحظة، بأيّام حملته الإنتخابية وهو يستشرف المستقبل بكل ثقة. ولابُدّ هنا من الإشارةأن ترامب يؤخذ عليه ضعفه في السيطرة على نظراته فهو ليس على مراسٍ مع لغة الجسد التي طالما كشفت ما يريد هو ستره.
إذ انزعج ترامب من اتهامات الديمقراطيين له بالتباطؤ في إجراءات الحد من الفايروس وانزعج أيضا من وصفه انه كاره للأجانب و أسهب بتبرير نفسه متناسيا الضحايا والموتى والمصابين في الولايات المتحدة الأمريكية ولقد أخفق في هذا طبعا.
إنّ التركيز على عداءه للديمقراطيين هو بحدّ ذاته تهديد للديمقراطية التي تعتبر الميّزة العظمى للولايات المتّحدة الأمريكية ونستطيع قراءة ذلك من خلال استجوابه للصحفيين عن أسمائهم وأسماء مؤسساتهم لكي يتعامل معهم على أساس ايديولوجي!
التحدّي الثالث وهو تحدّيه مع فيروس كوفيد-19 و صدقًا لا أدري إن كان هو نفسه يعتبره تحدٍ أم لا؟ لابدّ لدونالد ترامب من إيجاد حل سريع في مكافحة كورونا أو إيجاد لقاح أو علاج وعلى أُهبةِ السرعة لأنه دون ذلك فهذا الفايروس كفيل بهدم صورته إذا استمر بالمشروع الاقتصادي القادم دون وجود علاج فهذا من شأنه تفشّي الفيروس على مستوى ضخم جداً، حينها سيصبح الندم على القرارات لا يفيد شيئا.
أما بالنسبة لتحدّياته الخارجية فهي تكمن بتصريحاته المعادية لمنظمة الصحة العالمية و تصريحاته المعادية للصين بالإضافة إلى التحدي الثالث والأهم وهو بقاؤه على رأس الهرم في ميزان القوى الاقتصادية العالمية:
دَأْبُ ترامب في التحدّيات الخارجية كدَأْبِ الجمهوريين المناهضين للمنظمات الدولية بشكل عام، فهم مازالوا يقومون بإلقاء التُّهم على المنظمات الدولية بأنها تدفع بالولايات المتحدة إلى الاسفل وأعزو كلَّ ذلك إلى معلومات يعرفها ترامب بشكل خاص و الجمهوريين بشكل عام عن هذه المنظمات وبدأو يشعروا أن البساط قد يسحب من تحتهم.
أمّا تحدي الولايات المتحدة مع الصين فهو ليس بحديث العهد، فهناك سباق اقتصادي بينهم ولكن زادت حدّته مع وجود كورونا، و ها نحن نرى بكين متفوقة على واشنطن لغاية اللحظة،و نستطيع أن نرى أيضاً في خطاب ترامب انه مستاء من موقف الصين حيال انتشار الفيروس واتّهامه الصين بأنها لم تشارك معلومات مهمّه عن الوباء وما انفكّ بتسمية كوفيد-19 بالفيروس الصيني!!!
ترامب يحاول تسييس الوباء فهل هذا لمصلحته، أم سيؤدي ذلك الى نشوب تداعيات قوية في ما بعد كورونا ؟ هذا ما سنراه في الأشهر المقبلة.
التحدّي الخارجي الثالث لترامب هو ديمومة الحفاظ على ميزان القوى الاقتصادي العالمي على ماهو عليه حاليا، فنحن نرى ترامب يستخدم خطاب الحرب وما زال يفرض عقوبات على بعض الدول مثل إيران، ولا ننسى أن الدول الأوروبية مدمّرة والأزمة حالياً هي ازمة حضارية، و هناك انهيار بالاسواق وتهديد قوي بالكساد الاقتصادي والبطالة وفقدان الوظائف و هناك ركود اقتصادي لم يأتِ له مثيل.
فهل سيخرج ترامب من كل هذا في الأشهر القليلة القادمة؟
سننتظر لغاية نوفمبر 2020
و ستثبت لنا الأيام مدى قدرة ترامب على التعاطي مع كل هذه التحديات.