إغسل يديك بزيتها المُقدّس
اكرام الزعبي
17-04-2020 12:03 PM
يتألق اليوم هذا الوطن العظيم ، يُعيدنا إلى رحلة بناء أردن الخمسينات والستينات المُذهلة . يستنهضّ فينا حالة الإفتخار والحماسة لفعل شيء ، أي شيء من شأنه أن يعلو ويعلو ببلد تستحق فعلاً أن يقال فيها :" ردّت إلى الشرق الصِبا ". بلد وصفي وعرار وصايل الشهوان الذي واجه الدبابة بقلبه الشجاع ، بلد معاذ الكساسبة الذي استشهد واقفاً كالسنديانة العتيقة امام أعيننا ونحن نصيح : "يا نار كوني برداً وسلاماً على مُعاذ . كل أردني يستطيع اليوم أن يواجه الخطر بقلب معاذ وصايل ، فلا يهاب أزمة ولا محنة ، بل ويصبح جدار إسناد لجيشٍ عظيم أدهش العالم كلّه بشجاعته وقيافته وأدائه الذي لا شبيه له في أي بلد على الإطلاق .
القمح
هل تذكرون ضُمّة القمح الذهبية التي كنا نُعلقها ببيوتنا أيام الخير ؟ كنتُ أطيل النظر الى (السبلات) المُعلّقة فوق باب البيت ، وكأنها إشارة الى استمرارية الوفرة والخير بحياة الأردنين . ضُمة القمح التي عَبدتْها شعوب بلادنا في غابر الأزمنة ، وظلت قدسية القمح قائمة حتى سُميّت سهولنا الشمالية بأهراء روما ، وكانت أرضنا هي كوارة القمح ومخزنه وموطنه الذي يضل ذهبياً حتى بعد غياب الشمس . نستطيع العودة إلى الزراعة وضخّ الملايين فيها وخاصةً زراعة القمح ، فحُجة شُحّ المياه لم تعد قائمة مع المواسم المطرية الغزيرة التي شهدناها منذ بضعة سنوات . ولدينا دليل إرشادي في أجدادنا الأنباط الأوائل وحصادهم المائي الذي حيّر علماء الآثار ؛ كيف فعلها الأنباط في وسط الصحراء ، ألا يسري فينا العرق النبطي؟ بالمحصلة ، فعندما تُزرع الشتلة والبذرة في باطن الأرض ، تَستجلب أمطارها بطريقتها ، فقط نزرعها ونُغني : يالله الغيث يا ربي تسقي زريعنا الغربي .
الشباب
سيقتنع أبطال الفيسبوك من الشباب بأن النجومية هي العمل ، وبأن طاقتهم التي يُفرغونها شتماً وبطولات في العالم الوهمي ، هي منجم ذهب لا يَنضب لو توجّه لدائرة الفعل . شبابنا الذين أدركوا هذا الحقيقة ، تألقوا وارتفعوا إلى مصافّ الإنجاز في كل ميدان . بقي أن يلتحق بهم من يتوَهّمون بأن عدد المُشاهدات لربما يصنع منهم أشخاصاً مُهمّين ، فبعد أن تَخْدر أيديهم من الثرثرة على الشاشات ، يستطيعون النظر كيف يصنع الشباب الجديّ ( واقعيّاً ) ثروات من أفكار صغيرة . إن طاقة بذل الجُهد – مهما كان صغيراً – كفيلة بجلب الوَفرة والفُرصة . نجومية الوَهم سُرعان ما تسقط ، وقد رأينا كيف سقطتْ أسماء جامعي الإعجابات ، وكيف ابتذلوا أنفسم في فخّ (البوست) اليومي ، ولا يُرافق بعضهم اليوم سوى خيبة مريرة ، وشريط مضادّ الإكتئاب .
فدونك الميدان يا حميدان .
المُجتمع
أزمة الكورونا ليست هي مختبر الأردنيين الرُحَماء ؛ فلقد عشنا مئات الأزمات ،وصحنا بعالي الصوت "أنقذوا العراق ،أنقذوا سوريا ،أنقذوا اليمن . فمنذ أن غَرّب كايد المفلح العبيدات (بالمعنقية) ليُجابه العدو ، لم يُسجّل علينا جُبن ولا تقصير . نحن الذين تلقفنا الجرحى والمكلومين من كل بقاع العرب ، ألسنا بقادرين اليوم على تَلقُّف بعضنا ، واقتسامِ لُقمة طالما أطعمناها بكرمٍ أصيل لكلَ من قال ( أخ ) ؟ هل سنترك المجال لظهور انقسامٍ اجتماعي على قضايا ما عادت تُهمّ حتى أصحابها ؟ وهل سنتحّد لاسترجاع حقوقنا التي ضاعت في الأسواق المفتوحة والأسعار المتوحشّة ، ونسترجع المحليّ والوطني الطاهر الصافي ؟ هذه الأرض المُباركة الوَلّادة هي أرضك التي يطمع بها الطامعون ، حافظ عليها يا ابن وطني ،واغسل يديك بزيتها المُقدّس .