أردننا يتعافى؛ وخياراتنا أحلاهما مرّ!
د. أروى الحواري
16-04-2020 08:33 PM
من المعلوم أننا نمرّ في أزمة شديدة في ظل انتشار الكورونا الشرس الذي يحصد معه الكثير، ولا نلوم أحدًا في الضيق والضجر الذي يمر فيه، فبين الخوف من انتشاره، وبين الضيق والحالة النفسية التي يعيشها جرّاء تطبيق الحظر ولا مفرّ منه؛ وخاصة أنّ الطريقة الوحيدة لحصر المرض والتخلص منه هو العزل التام، سواء للمصابين أو غيرهم، لذا علينا تقبل الأمر بكل طواعية، فهو الحل الأسلم لما نمر به.
وبما أن الأردنيين يعيشون الآن تحت حالة قانون الدفاع التي فرضتها الحكومة لمكافحة تفشي الفيروس، وقد أغلقت المدارس والجامعات والمعابر وغيرها، كما طلب من المواطنين البقاء في المنازل إلا في حالات الضرورة.
أما عن المرض فهو حتما سيبقى ما دام هناك حالات فاعلة في العالم ككل وبغياب اللقاح يتفشى ويزداد، ليس ذلك فحسب قد نواجه موجة آخرى للمرض في الشتاء القادم أو حتى خلال الصيف، ولكن عندما نصل إلى وضع تكون فيه حالات الشفاء متعادلة أو أكثر بقليل من حالات الإصابة بالمرض؛ حينها فقط نكون بخير ويكون المرض قد دخل خانة السيطرة عليه، فالوضع في الاْردن والحمد لله لا زال مطمئنا، وفرق التقصي الوبائي أصبح لديها خبرات مميزة في تتبع الحالات ومحاصرة البؤر المتوقعة، وخاصة مع اتباع اسلوب العينات العشوائي بما يبعث الطمأنينة في النفوس.
وكلنا يعلم أنّ فرض الحظر الكامل يؤدي إلى خنق قطاعات البلد كافة بلا استثناء؛ ولا ننسى الطبقة العاملة والتي لن تستطيع الصمود طويلاً دون مد يد العون لها ومساعدتها في الاستمرار، ولزاماً علينا حينها تأمين احتياجات المواطنين كافة في ارجاء الوطن المترامي الأطراف، وهذا يستحيل تماما تحقيقه دون تشاركية فاعلة مع المجتمع المحلي والقطاعات الخاصة الداعمة لمثل تلك الظروف؛ فهذه أزمة استثنائية تمرّ على الجميع ولا ترحم أحدا.
أمّا إذا تركنا الحبل على الغارب فسيلتهم الكورونا الشرس البشر لا قدّر الله؛ لأن انتشاره يتم بسهولة وبسرعة غير مسبوقة لم نعهدها من قبل، وبنسبة وفيات عالية قد تجاوزت أل ٦ ٪، وهي أضعاف كثيرة لتلك الإنفلونزا الموسمية، لذا يكمن مفتاح الحل الجوهري في وعي المواطن ومواطنته الصالحة في الالتزام الطوعي في البيت وعدم الاختلاط واتباع الإرشادات الصحية.
ووجب علينا الأن التركيز على عودة الحياة الطبيعية بشكل تدريجي ومنضبط، لإدارة عجلة الاقتصاد واستغلال الظرف الراهن في المحنة التي نعيشها، من خلال إنتاج ما يحتاجه السوق العالمي من مستلزمات طبية وغذائية وغيرها مما تعطل إنتاجه في الأقطار الأخرى، كما يجب التنسيق في إدارة بعض المصارف والبنوك والقطاعات الأخرى والتي تمثل شريان الاقتصاد، دون المساس بالإرشادات الصحية، وبما يضمن انعاش الإقتصاد وتحريكه، بالإضافة إلى بعض الأسواق التي يحتاجها المواطن وضمن آلية تسمح للوصول إليها بشكل آمن وفعّال.
ويجب علينا ألا ننسى أهمية متابعة البحث العلمي ومواصلته عن ماهية هذا الفيروس، لنكون جنبا إلى جنب في مصاف الدول الأخرى، ستذكر الأيام والسنين ما مررنا به، فلنجعلها أياما خفيفة علينا بحسن التصرف والدراية؛ لذا لا بد لنا أن نقف وقفة واحدة بعزم وثبات لتمرّ هذه الأزمة، ونحن صابرون بعون الله، والأردن البلد الرائع بكل فئاته وأطيافه يشكل معا عنوان قوة وفخر عزة تحت قيادة هاشمية مميزة؛ فأبو الحسين القائد الفذ بحنكته وتوجيهاته المستمرة لمكافحة هذا المرض، جعلت منه الأب والسند لكل أردني، حمى الله وطننا الغالي وأزاح عنه الغمة وأبدلنا إياها بالراحة والشفاء.