سؤال المصالح الأردنية مجددا ..
بسام بدارين
15-04-2020 06:34 PM
عندما يتعلق الأمر بـ»أمن الطاقة»، ما الذي يعنيه بصورة محددة ذلك الخبر المتعلق بتوقيع إسرائيل اتفاقية تنتج «الطاقة من الصخر الزيتي» مع المختص الكوني الأبرز في المسألة في أستونيا؟
السؤال يصبح سياسياً وأردنياً بامتياز، خصوصاً في زمن فيروس كورونا، عند مراقبة تلك المضايقات التي يتعرض لها استثمار مماثل في الأردن منذ عامين واستناداً إلى الخبرة الأستونية نفسها وبغطاء مالي استثماري «صيني».
بمعنى سياسي آخر، إسرائيل التي تحولت إلى منتج للغاز وتورده إلى الأردنيين والمصريين باتفاقية مرفوضة شعبياً تماماً في الأردن على الأقل ومخيفة، حسب النائب صالح العرموطي، تلجأ إلى أستونيا وتبحث عن الطاقة من «الصخر الزيتي» في منطقة النقب التي تعتبر جغرافياً امتداداً للصحراء الأردنية.
الغامض والغريب أن ذلك يحصل مرة أخرى في مسألة الطاقة ومخاوف العرموطي ورفاقه في البرلمان الأردني بعنوان «تسليم العدو أمن الطاقة الوطني»، فيما تسعى عدة أطراف في الحكومة الأردنية إلى «ركل» الاستثمار بالخبرة الأستونية من المملكة رغم أنه ضخم مالياً وله دلالات سياسية، ولأول مرة يمنح الأردنيين فرصة الاعتماد على استخراج الطاقة من «معادن وطنية» موجودة بكثرة في أرضهم وبلادهم.
مجدداً، تلك «متوالية هندسية» سياسية في الأردن من الصعب تفكيك ألغازها؛ فالحكومة لا تقول شيئاً حتى الآن في ملف الصخر الزيتي والإنتاج الوطني للطاقة حتى من الشمس والرياح، رغم التغييرات العاصفة التي تسبب بها فيروس كورونا في بنية العلاقات الدولية. وهي تغييرات ينبغي أن تبدأ البوصلة الأردنية، حسب رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري ولأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية، ليس فقط التفكير على أساسها ولكن «التصرف أيضاً».
بعد حوار ونقاش عميق مع «القدس العربي»، يقر المصري المنطق الذي يقول بأن الفيروس عبث بالقواعد المألوفة وسينتهي بـ»ترتيب عالمي جديد».
ولا يختلف المصري مع مقولة الأمريكي العجوز والخطير «هنري كيسنجر» بخصوص «نظام عالمي جديد بعد كورونا» ويسأل -نقصد المصري- هل نحن مستعدون عندما يتعلق الأمر ببناء وبوصلة التحالفات بوضعها المستجد مثل «كوفيد 19» وخصوصاً بعد «نجاح لا يمكن إنكاره داخلياً «في قواعد الاشتباك والحماية ومبادرات الحفاظ على صحة وأرواح الأردنيين؟
لا أحد في النخبة الأردنية اليوم يمكنه الإجابة بـ»نعم» عن سؤال المصري؛ فجميع الدوائر معنية قبل أي اعتبار آخر بـ»حماية الداخل» الآن و»احتواء الفيروس» ثم مراقبة «شكل العالم الجديد»، حيث يصر المصري على أن «الصين» ستتقدم لا محالة، وحلفاء الأردن التقليديين في أمريكا والغرب في طريق التراجع.
وهي تبدلات قرر السياسي البارز عدنان أبو عوده مبكراً وعبر «القدس العربي» ضرورة قراءتها جيداً حتى «لا نتورط في الاستنتاج الخاطئ».
لكن عندما يتعلق الأمر بملف الطاقة وأمنها حصرياً والتغيرات الهائلة في العلاقات الأردنية الإسرائيلية وعدم بروز «أي تعاون من أي نوع» بين الجانبين باعتبارهما «جيران سلام» في معركة كورونا، تبدو المقاربة مقلقة بشأن الحرص الشديد على «صمود وبقاء» اتفاقية الغاز رغم أن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لمح يوماً إلى أنها «مجحفة»، وإدراك الأردنيين بأن الولايات المتحدة فرضتها سياسياً وليس «الأسعار والحاجة الموضوعية»، كما تقدر وزيرة الطاقة هالة زواتي.
وتبدو المقاربة أسوأ وأكثر تعقيداً عندما تنقل منابر إعلامية عالمية وسط ضجيج الفيروس النبأ عن توقيع اتفاق بين أستونيا وشركة إسرائيلية بشأن «صخور النقب» المحاذية لجنوبي الأردن، فيما يتم إقصاء الفكرة شرقي نهر الأردن وبالطرف المقابل.
يحتاج الأمر إلى قراءة فعلية في ظل السؤال عن حاجة الإسرائيليين إلى الطاقة من معادن الأرض، بينما لديهم فائض للتصدير من غاز البحر.
ذلك يوحي تماماً بأن إسرائيل قد تحتفظ بمفأجاة تربك قطاع الطاقة الأردني لاحقاً وبعدما ينفض «غبار أزمة كورونا»، الأمر الذي دفع عشرات النشطاء الأردنيين أصلاً من البداية للحث على التفكير بتدبير له علاقة بأمن الطاقة على أساس الاعتماد على ثروات الذات والمعادن.
وهي مهمة تقول الحكومة أصلاً إنها استدعت تشكيل لجنة «الطاقة والمعادن» في عهد كورونا، المشغولة قبل أي اعتبار آخر بالبحث عن آليات لدفع فواتير الكهرباء من جهة المواطنين المعزولين في ظل الحظر دون أي انشغال من أي نوع بالاستراتيجي المحوري في ملف الطاقة.
قبل ذلك، حرصت الوزيرة زواتي وطاقمها على ضمان تأجيل بعض الفواتير وتوفير تسهيلات لقطاعات إنتاجية أمر القصر الملكي بتحريكها، كما حرصت قبل كل الاعتبارات على استمرار عمل محطات التزويد ضمن الأسس والمعايير التي تسمح بها الاعتبارات الصحية ثم القانونية في ظل العزل والحظر.
القدس العربي