المدينة ما بعد الكورونا ٣ .. المسكن
أ.د.علي أبو غنيمة
15-04-2020 12:55 PM
ماذا فعل بنا فيروس الكورونا......... ها نحن داخل " المسكن" منزلنا الذي تعبنا و عملنا بكد لنتمكن من الحصول عليه، وعشنا به لسنوات طويلة ، و لكن تبين لنا اننا لا نعرفه حق المعرفة ، و اضطررنا ان نتعرف عليه خلال هذه الجائحة " فيروس الكورونا" حيث اجبرنا على البقاء جالسين في بيوتنا لنحمي انفسنا من الاصابة به..... هذا ما حدث في غالبية مدن العالم خلال الشهرين الماضيين.
المسكن او حسب ما نقول عادة "بيتنا " ، هو المكان الذي نقضي به غالبية اوقاتنا فهو من اساسيات الحياة مشتركا مع الهواء والماء والكساء والعمل وطبعا حديثا الإنترنت، لكن الماؤى او المسكن او البيت او المنزل يبقى من اهم الاساسيات و لقد شعرنا باهميته هذه الايام فمن فقده فقد الكثير.
لكن في عالمنا المعاصر هل اثبت المسكن انه يناسبنا ؟ بالغالب لا، فالمسكن هو مكان للنوم اكثر منه مكان للحياة فلقاءتنا في الغالب نجريها في المقاهي وكذلك سهراتنا وبالنسبة للمأكل ، ففي الغالب كثير من الناس يتناولونه بشكل سريع في العمل او في المطاعم او يحضرونه من المطاعم وما عادوا يحتاجون للمطبخ بتقاليده التي نعرفها وعايشها اباؤنا واجدادونا ولا حتى بنوعية الأكلات التقليدية التي تمتاز بها دولنا.
اما بالنسبة لغرف المنزل (في هذه الاجازة الاجبارية ) فغالبيتنا اعدنا اكتشاف غرفنا واستخداماتها بل اعتقد بان الكثيرين منا اعاد تقسيم الغرف و تشكيلها بما يتناسب مع ظروف الوضع الحالي و احتياجاتنا.
كم من الغرف التي نهتم بوجودها بالمنزل و التي اكتشفنا اننا لم نستخدمها منذ سنوات وهي عبئ اكثر منها ذات فائدة ولذا لا بد ان نبدأ بعد مرور الازمة وتخطيها بإعادة النظر في احتياجات كنا نستثنيها والغاء اخرى كنا نتباهى بوجودها دون الحاجة لها فعليا.
اه كم اصبح مهما الوقوف امام الشباك وتنسم الهواء النقي او الخروج للترس او البلكونة لاخذ بعض من اشعة الشمس و استنشاق الهواء النقي.
العديد من مساكننا الحديثة وخاصة في مدننا العربية انتجت الكثير من المساكن هي علب كرتونيه والتي اهتمت بتوفير المسكن كمكان للمبيت دون التفكير به كمكان للمعيشة والحياة، فغالبية المساكن مصممة بشكل يهدف الى توفير فراغات و استخدامات، اثبتت التجربة عدم اهميتها وبعدها عن العامل الانساني واهمية توفير بيئة آمنة وانسانية لنعيش فيها.
في هذه الازمة اصبح السعيد من يمتلك ترس او بلكونة او سطح للمنزل يستطيع ان يستخدمه بعد ان كانت هذه الأمكنة تستخدم كمخزن لكل ما لا نستخدمه و نود التخلص منه ، ولكن اعاد الغالبية الاعتبار لهذه الفراغات و استخداماتها.
اما من توفر في مسكنه فناء داخلي ( كمساكننا التراثية القديمة) فهو الاكثر سعادة رغم صعوبه توفره حاليا لعدة اسباب اهمها قوانين ارتدادات المباني وغلاء الاسعار وغيرها.
العديد منا توجه الى قريته ليعيش سعيدا بعيدا عن حياة المدينة و مساكنها الضيقة و لكي يقترب اكثر من الطبيعة و ما توفره له من امتيازات .
فهل يكون " فيروس الكورونا " هو سبب لكي نعيد ترتيب أولوياتنا في المسكن ...... اتمنى ذلك.!!!!!