إذا نظرنا إلى التداعيات الاقتصادية و الاجتماعية لمرحلة ما بعد كورونا يتضح بأن هنالك خاسرون و رابحون... و هنالك فوائد و مضار.. و هنالك متغيرات وعوامل جديدة تجعل العالم مختلفا بعد كورونا عما هو في السابق... و عليه بقي تعاملنا مع الوضع كما كان سابقا فإننا سنكون في أخر الركب... و ستكون التداعيات الاقتصادية كبيرة....
هنالك عدة أمور ملفتة للنظر فيما حدث... الاعتماد الأكبر على التكنولوجيا و مصداقيتها... ترك الناس للكماليات و العودة للأساسيات.... الاعتماد على شبكة المتاجر الصغيرة و المتواجدة في الأحياء عوضا عن المتاجر الكبيرة للتسوق اليومي... ارتفاع أرباح الشركات التي تعتمد على التكنولوجيا كأمازون التي قامت مؤخرا بتوظيف مئة الف موظف لتلبية الاحتياجات المتزايدة عبر التسوق الإلكتروني....و نتفليكس و أوبر و غيرها... ازدياد الاعتماد على التعلم عن بعد و العمل عن بعد... نمو خدمات التوصيل و الشحن...
حتى الحكومات وجدت لزاما عليها الدخول في عالم التكنولوجيا... فأصبحت التصاريح و الطلبات الكترونية... و أصبحت الخدمات الحكومية أغلبها تتم عبر الانترنت... و أصبح الشرطي يتأكد من تصريحك عبر هاتفه الخلوي...و أصبحنا نتحدث عم محاكمات عن بعد...
أصبح الناس يذهبون سيرا على الأقدام لقضاء إحتياجاتهم... فلم نرى عددا من الناس يسير في الشوارع و يمارس الرياضة كما نشهده في هذه الأيام... مما يعني عدم اعتمادهم على السيارات الخاصة في تجوالهم و قضاء حاجاتهم...
أصبحت الاعتماد على الصناعات المحلية بشكل أكبر... فغالبية المصانع تسوق منتجاتها داخليا كون المنافسة مع مصانع الصين أصبحت أقل حدية... حتى الاعتماد على الزراعة المحلية وجد أهميته... سوآءا كانت حيوانية أو نباتية.... فغور الأردن فرض نفسه محليا و إقليميا...حتى السياحة الداخلية سيصبح لها رواجا أكبر....
العمل عن بعد كان يشكل هاجسا للكثير من الشركات... و الان أصبح واقعا.... و ستقوم الكثير من الشركات باعتماده كطريقة عمل... و ينطبق ذلك على الاعمال المهنية كالاستشارات و المحاماة و الهندسة و الأعمال المحاسبية و حتى الطب...
مع أن البعض يحمل الرأي بأن هذه التغييرات مؤقتة و ستعود الحياة لطبيعتها بعد زوال الوباء... إلا أن العديد من هذه العادات سوف تبقى و تصبح طباعا لدى العديد... فالسهولة التي تصلنا بها احتياجاتنا لا بد أن تصبح عادات ملتصقة بنا و نعتاد عليها...
من ناحية تكنولوجية أو بالأحرى من حيث تسخير التكنولوجيا بالشكل الصحيح فإننا لا زلنا نعيش في زمن قديم عاشته أمريكا و الدول المتطورة في التسعينيات و الفترة ما بين 2000 الى 2010 من حيث مدى تسخيرنا للتطور التكنولوجي و الاستفادة منها في أعمالنا و الاستفادة من الفرص التي تؤتيها...
هنالك العديد من الاتفاقيات التجارية التي تعطي أفضلية للمنتج العربي والمحلي... ولا بد هنا من استغلالها لتلبية احتياجات التجارة البينية بين الدول العربية...
بالطبع فإن جميع ما جاء أعلاه لن يأتي أؤكله دن تنظيم وتسهيل حكومي من حيث التمويل وخفض الفوائد والتشريع الذي يسهل الاستفادة من الفرص الاقتصادية وخفض الضرائب وإنشاء البنية التحتية اللازمة لتلك الأعمال...
بصراحة الحديث طويل و هنالك الكثير الكثير من الجوانب التي لم أذكرها و التي تمثل فرص للعديد من القطاعات... و لكن المختصر المفيد هو أنه حان وقت الابداع و خلق الفرص... و بعكس ذلك سنكون في وضع من سيء إلى أسوأ و من ثم إلى أسوأ... الفرص موجودة و في كل مكان و هي بحاجة لمن يلتقطها...