التعليم العالي ما بعد الكورونا .. !
الدكتور مفضي المومني
14-04-2020 01:05 PM
يجب إعادة صياغة المشهد التعليمي بعد جائحة الكورونا، فقد ادخلنا بالتجربة مرغمين، وحملت الجامعات على عاتقها إستمرارية وإدامة التعليم، باستخدام ما هو متوفر من أدوات الكترونية لتنفيذ التعلم عن بعد، او التعلم من( الدار) كما يسميه البعض، طبعا من الظلم إعطاء أحكام مطلقة، على مرحلة أُقحمنا فيها إقحاماً، جامعات ومدرسين وطلبة، ولملمنا أدواتنا وواجهنا التحدي، نجحنا هنا وأخفقنا هناك لكن المشهد العام مبشر بهمة الجميع، هذه مرحلة لم نخطط لها، ولم تكن في حساباتنا، ولا قناعاتنا، فلدينا ذهنية شكلت سابقا ولو مستترة، أن التعليم بالمراسلة قديما، والتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني من الموبقات..! ولو سألت أيا من أساتذة الجامعات الذين يقبلون ويبحثون ويمارسون التعليم عن بعد حاليا قبل الجائحة، لأنكروا عليك هذا النوع من التعليم، ولكنهم جميعا يتغنون بإنجازاتهم في التعليم حاليا، كثيرة كانت أم قليلة ويفتخرون أنهم يعلمون من خلال زووم أو تيمس أو غيره، ويتواصلون مع طلبتهم وأنهم يتفاعلون ويستخدمون أدوات جديدة، ويؤكدون أن الوضع جيد، وهنا يجب أن نخرج بدروس ومقترحات من هذه الجائحة بما يخص التعليم العالي مثل:
1- التشريع للتعلم عن بعد وادواته داخليا وخارجيا وضمن معطيات ومحددات تخدم مجتمعنا.
2- العودة إلى تمكين وتعزيز البنية التحتية لشبكات الإتصال والإنترنت والخوادم والأجهزة التي تمكن من تفعيل هذا النوع من التعليم.
3- توفير تدريب وتأهيل للقوى البشرية الفنية والتدريسية والإدارية في جامعاتنا لإستخدام أدوات وبرامج التعليم عن بعد، أيا كانت رتبهم للمدرسين وأيا كانت مستوياتهم لسواهم.
4- إدخال مساقات التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني لكافة التخصصات الجامعية وعدم الإكتفاء بمساقات مهارات الحاسوب المبتدئة، لأننا جميعا مدرسين وأطباء ومهندسين وتربويين وقانونيين وأهالي وربات بيوت… .الخ.. اكتشفنا أننا بحاجة لتأهيل في مجال التعليم عن بعد وأدواته وبرامجه وعلى الأخص التعليم الإلكتروني.
5- تغيير النمط التقليدي في التدريس الجامعي والإنتقال إلى التعليم المتمازج للمساقات المختلفة وحسب طبيعتها، بحيث يتم الجمع بين التعليم التقليدي في الغرفة الصفية والتعليم عن بعد، بحيث يمكن طرح المواد وحسب ساعاتها المعتمدة بحيث ينفذ مثلا لمساق له ثلاثة ساعات معتمدة ساعتان في الغرفة الصفية وساعة عن بعد او العكس، وهذا سيوفر في الزمن واستغلال القاعات التدريسية وأعباء أعضاء الهيئة التدريسية وتسخير هذا الوفر لنشاطات ومساقات اكاديمية أخرى.
5- أقترح أن تقوم الجامعات بتدريس مساقات متطلبات الجامعة الإجبارية والتي تصل إلى 30 ساعة معتمدة عن بعد، جميعها أو إعطاء جزء منها بالطريقة التقليدية، وتخيلوا معي الوفر في استخدام القاعات التدريسية والمرافق، والوفر المادي للجامعة والطلبة والأهالي، طبعا مع المحافظة على النوعية في التعليم، إذ أن الأمور يجب أن يخطط ويعد لها جيدا، ويمكن أن تشترك كل الجامعات بالإعداد والطرح المشترك لهذه المساقات.
6- تأسيس مركز وطني للباحثين، يتبنى جميع الأبحاث التي تقرها الجامعات أو صندوق البحث العلمي، أو البحث عن حلول علمية لمتطلبات وأسئلة ومشاكل على المستوى المحلي والعالمي، وتشكيل فرق بحثية من العلماء والمختصين في الجامعات أو القطاعين العام والخاص تكون مهمتها الخروح بحلول وإخترعات تطبيقية للمشاكل التي يطلب من البحث العلمي الوصول لحلول لها، سواء كانت لخدمة مجتمعنا أو الإنسانية، لأن مسيرة البحث العلمي في جامعاتنا حاليا لا تبعد عن كونها نظرية شكلية وصورية في معظمها من أجل الترقية، أو التباهي بعدد الإقتباسات، دون مردود تطبيقي واقعي يحل مشاكلنا أو يساهم في تطوير بلدنا.
7- إنشاء مركز وطني للتقييم عن بعد يتبنى جميع الإمتحانات الوطنية لمساقات التعليم عن بعد، تساهم فيه جميع الجامعات العامة والخاصة
تكون له إدارة وضباط إرتباط من الجامعات، بحيث تنقل له كل عمليات التقييم الإلكتروني وعن بعد، ويزود الجامعات بنتائج طلبتها من خلال نظام الكتروني مشترك.
8- ربط الجامعات والإستفادة المشتركة والتكاملية من سعات التخزين والخوادم وجميع الإمكانات الفنية من خلال شبكة الجامعات وقاعدة بيانات وطنية لجميع الإمكانات المتوفرة وبرمجة الإستغلال الأمثل لها، لما لذلك من وفر على المستوى الخاص والوطني.
هذه بعض الإقتراحات والأمثلة وهنالك غيرها لأصحاب القرار والمهتمين، لما يجب أن يكون عليه التعليم في الجامعات بعد مرحلة الكورونا، لعل وعسى أن تتبناه وزارة التعليم العالي وجامعاتنا بحيث تُشكل لجنة فيما بعد لتحقيق ما يمكن تحقيقه منها، والإنتقال السلس لمرحلة جديدة غير تقليدية في نظام التعليم العالي في بلدنا، نصنعه بأيدينا وبخبراتنا، ونستمد العزم والرؤيا من توصيات جلالة الملك وتأكيده على تفعيل التعليم عن بعد في هذه المرحلة، لننظر إلي الأمام بعين التطور والتحدي وتحقيق الأفضل… حمى الله الأردن.