خريف العمر لوحة فسيفسائية ليست بالضرورة خلابة كالتي تحمل وجه الربيع المشرق لكنها وبجدارة كنز لذكريات تملاء القلب املا والروح نشوة.
ذات ليلة عمانية انتصفت فيها مربعانية الشتاء في رحلتها بزمهريرها وظلمتها واستقرت في ربوع عمان الحبيبة في بداية سبعينيات القرن الماضي وبالتحديد في حرم ام الجامعات، حيث كنا طلابا في السكنات الداخلية، وسمر اهل عمان ليالي المربعانية آنذاك فيه عبق وطهر وصفاء وسمرنا نحن الطلبة في عام التخرج فيه توجس وخيفة واضطراب..
تنظر من شبابيك السكن المجاور لكلية العلوم فترى الأرض تتشح بياضا يضيء لك عتمة الطريق لكنك لاتجرؤ على المسير فوقه فهو بارد برد ريح كانون وربما تعلق فيه، انه الزائر السنوي حل في ارضنا.
وطال مكثه بين ظهرانينا حيث لا ماء ولا طعام ولادفء ولا كهرباء لخمسين طالبا ولا خروج. وعلى حين غرة، طرق مسامعنا هدير كهدير الرعد يقترب منا رويدا رويدا واقترب الضوء الساطع واتضح المشهد جليا انهم رجال الجيش العربي. ياللفرحة وياللفخر .انهم قبل اقل من سنة مروا من هنا من امامنا زاحفين لنصر الكرامة. واليوم هم معنا اربع مجنزرات تحمل نشامى سمر الجباة بيض الافئدة يطربون للشدائد فتحوا الطريق احضروا المدد ..اشمغتهم مبللة و(مرتهم) جمع مرير اي عقال ميالة. يرددون ونردد معهم:
ياهلا بالتاج واصحاب الجلالة
ابناؤهم او احفادهم اليوم على صهوات مجنزراتهم يخطون سفرا اردنيا هاشميا ينتصرون على المرض ليهبونا الحياة.