إنَّ مَشْهَدَ الصِّراعُ الذي نَراهُ اليومَ، ما بينَ الأزْمة وَتَبعاتِها من خوفٍ وقلقٍ وتَرقُّبِ من كافةٍ الأطرافٍ المَعنيَّة من قائمينَ على إدارةٍ بارعةٍ للأزْمةِ ومُواطنين. وما تَرتَّب على هذه الأزمة، من مّشاهد انتظام ٍوتنظيمٍ ، نراه ُ في السَّاحة الأُردنيَّة خلال هذه الأَزمة، التي يواجِهها الأُردن والعالم أجمع في أثناءِ غّزو فايروس كورونا للبشرية ِ، يُوجِهنا إلى النَّظر إلى خّلف هذه الكواليس بما تَتضمَّنه من الإيجابيات والسَّلبيات في سَير شُؤون الحَياة حَيثُ نَحن الآن نَعيشُ وخلالَ فَترةٍ قَصيرَةٍ امْتدت نَحو قَرابة شَهر ومنْذ ُبدايةِ الأَزْمة وبداية القَراراتِ التي اتخذت من قِبَل الحكومة لِمواجَهة هَذه الأَزْمة مِن تَفعيل قانون الدِّفاع رقم(13) لعام 1992 في جميع أنحاء المَملكة الاردنيَّة الهاشميَّة إعتبارًا من 17 اذار لعام 2020.
قَدْ نَشْعرُ بأَن عَجَلةَ الحَياةِ قَدْ استدارَت إلى الخَلفِ عُقودًا عَديدةً لِتُسلّط الضَّوء على ايجابيات كَثيرة منْ هُدوء وانْتهاء للضَّوضاءِ والتَّشوه البَّصّريّ والازْدِحام الذي كان يَعُّجّ بِه الشَّارع الأُردنيّ منذ الصَّباح الباكِر وحتى ساعاتٍ مُتأخِرة من اللَّيل وانتظام للدَّور الذي باتَ مُقدَّرًا على كلِّ شّخص يّخْرج من مّنزله لِشراء حاجياته واحْترامٍ للوقتِ الذي لَطالما سُرِقَ منَ البَعض دون أنْ يَشْعُرَ والتَّصدي للشائِعات وترتيب لِحياتنا التي اصبَحت مَرهونة بين ساعات محدَّدَة ( العاشِرة، السَّادسة، الثَّامنة) لشراء الحاجات الأَّساسيَّة وتجديد الوَلاء والانتماء وللإستماع إَّلى الحقيقة) وكأنها أوشَكت لِتَكونَ لَصيقَةً بِروتين يَومي مُهم ننتَظِرَه بفارغ الصَّبر لِنستَمرَّ من جديد كلَّ صباحٍ بِتفاؤُلٍ كَبيرً.
فالكثير منا ينتظرُ عْودة الحَياةِ إلى طَبيعَتها ، إذْ لمْ يَعْتد حاليًا هذا النَّمط من الحياة والذي فَرَضَتهُ علينا الحُكومَةُ الأُردنيةُ بقوةٍ ليس تسلُّطًا مِنها في ظّروفٍ صَعبةٍ يواجهها العالمَ أجمعَ، وإنما حفاظًا على صحةِ وسلامةِ الأردنيين متقمصَّة دَورِ الأُم الرَّؤوم والأَب الحاني على أبناءِه.
فما اتخذته حكومَتنا من جهودٍ مكثفةٍ وإجراءاتٍ شديدةٍ وقاسيةٍ في ظلِ أزمةِ كورونا، وانتشارِ الوباءِ الذي اعتبرَ جائحةً عالميةً. ماهي الآ إجراءات من أجلِ الحفاظ على سلامةِ وصحةِ المواطنين وتسريعِ احتواءِ الأزمةَ؛ فكان لسان حالِ الحكومةَ بأمرِنا " خليك - بالبيت " ولسانِ حال جميع المواطينِ التزامًا أيضًا "خليك - بالبيت" فنجدُ هذا التكاتفَ والتعاونَ بين الشعبِ والحكومةِ ماهو إلا حرصًا من جميعِ الأطرافِ على مواجهةِ العدوَّ المتصدِرَ للجميعِ في كافةِ دولِ العالم ِوهو " كورونا" الفيروس المُسْتجدّ.حِرصًا وخوفَا على ما أظهَرتهُ الحكومةَ لأبناءها المواطنين .
فلماذا لايبقى هذا الخوفَ والحرصَ الذي أظهرته ُلنا حُكومَتنا بعدَ انتهاء ِالأَزمةِ؟
هذا النَّمط من الحياة الذي فُرِضَ على الشَّعبِ كافة ًنجدُ أنَّ هذا الفرضَ محبَّبًا ولأول مرة نجدُ أن كلَّ ممنوعٍ ليسَ مرغوبًا وهذا ما يعكسُ وعي المواطن الذي راهنت عليهِ حكومتَنا منذُ بداية ِالأزمةِ. فقد فضَّلَ الكثيرُ منَ المواطنيين إجراءات قاسية لمْ يعتادوها وَعيًا ورضا واستجابةً.
إنَّ تكاتفَ المواطنين وتعاونِهم الذي حَظِيَ بإعجابَ القيادةِ الهاشميةِ والحكومةِ الأُردنيَّةِ وجميعِ فريق إدارةِ الأَزَمات في الأردن ما هو إلا دَليل على اتحادِنا وقوَّتنا والتِزامنا .
ولو تأملنا بعض من هذه الإجراءات بنظرة ايجابية، لنجدَ أنَّ ما تدعو إليهِ هي من صُلْبِ ديننا الإسلاميَّ الحنيفَ؛ فعبارة مثلَ " خليك - بالبيت " ماهي إلا شعاراً ونهجاً اتَّبَعهُ المواطنون، تّنْطوي تحتَها الكثيرُ من المَدلولات: منها الطَّلب من الأب الحاني والرَّاعي في أهلهِ للبقاءِ في البيتِ في ظلِّ ظروفٍ استثنائية ٍغيرَ صالحةٍ للخروجِ الى الشارعِ والاختلاطَ مع الاخرينَ وكأنَّ نطاقَ الأمانِ محدَّدٌ في إطارِ البيتِ فقط.
أيضا عدم التَّجمعات في الأماكنَ العامةٍ والغاءُ المناسباتِ والحَفلاتِ وحتى بيوتِ العزاءِ التي قدْ تكون تجمُّع يُعرِّضُ الكثيرَ للخطرِ من انتقالِ الفيروسَ، فكان حِرص الحُكومةَ على اتخاذِ إجراءٍ مثلَ هذا، عدمُ تعرُّضِ النفوسَ للأضرارِ الفادحةَ التي قدْ تُؤدي الى خطرِ اجتماعيٍّ قد يُكلِّفَ البعضُ الكثيرَ.
لما لا نُلفِتَ النَّظَرِ هنا إلى أنَّ مثلَ هذهِ المناسباتِ والتَجمعاتِ الكبيرة بأَنَّها قَدْ تكونُ مُرْهِقةً للبعضِ اتَّبَعَها الآخرون وقد توشِك َلأن تكون عادةً اجتماعيةً إلزاميةً قدْ لا يستطيع أيُّ فَردٍ التهرُّبَ مِنها، حتى غَيْر المُقْتَدر ماديًا أو مَعنويًا . لما لا نَقْتَصدُ كَمواطنين في أفراحِنا وحَفلاتنا وتجمعاتِنا حتى بعد هذه الأَزْمةِ حتى لا تُرْهقنا ولا تكلَّفنا الكثير مُتمثِلينَ في ذلك قوله تعالى ( ولا تَجْعل يَدَكَ مَغْلولَة إلى عُنُقك ولا تَبسِطها كُلّ البَسط فَتقعُد مَلومًا مَحْسورًا) } الاسراء: 29{ .
كذلك من جانب آخر علينا مواصلة النَّظافة الشخصية وغسل اليدين بالماء والصابونِ والتَّعقيم وعدمَ مشاركةِ البعض مستلزماتنا وحتى أغراضَنا الشَّخصيَّة وهي عادةً لطالما حثَّ عليها الدينُ الاسلاميُّ كالوضوءِ والاغتسالِ وعدم مشاركةِ الأغراضِ الشَّخصيَّة؛ فقد حثَّ الله ورسوله على نظافة أجسادنا وبيوتِنا كما جاءَ في قوله تعالى " وثيابَكَ فطهِّر" ( المدثر:4). وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( ان الله طيِّب يُحبُّ الطيْبَ، نظيفٌ يُحبُّ النَّظَّافة، كَريمٌ يُحبُ الكَرَمَ، جَوادٌ يُحبُّ الْجودَ، فنَظِّفوا أفْنيَتِكُم ولا تَشبَّهوا باليهودِ) . فالنَّظافة كانت ولا زالت ضَروريَّةٌ للعيشِ الْكَريمِ، فَهيَ من أهمِّ العواملَ الاساسيَّة في المحافظَةِ على صحَّةِ الإنسانِ.
لنُسلِّطِ الضَّوءَ قليلًا على الإجراءِ الَّذي فِرضَتْهُ الحُكومَة ُالاردنيَّة ُعلى المواطنين وهو الأكثرُ حِدَّةً وَ شِدَّة ّوهو حَظْرُ التَّجوُّلَ وتحديدِ ساعاتٍ محدَدَةٍ لفتحِ المَحالِّ التِّجاريَّة والمؤسَّساتِ وغيرِها .
أما آنَ الأوآنَ لأنْ يُصْبحَ هذا نهجٌ في حياتِنا حتى بعدِ انتهاءِ أزْمة "كورونا"، لنلتَزِمَ بأوقاتِ مُحدَّدَةٍ لِفْتحِ المَحالِّ التِّجاريَّة والمؤسَّسات المدنية وإغلاقها لَيلْاً.التزامًا بِما جاءَ بالقرانِ الكَريم في قَوْلِه تَعالى " وِجِعِلنا اللَّيْلَ لِباسَا(10) وجَعَلنا النَّهارَ مَعاشًا (11) } النبأ {
فالصَّخَبُ والضَّوضاءُ والنَّمطِ ماقَبْل الأَزمَة الَّذي كُنا قَدْ عِشْناهُ واعْتَدنا عَليهِ، والذي قَدْ يُعرِّضُ صِحَتنا في آخرِ المَطافِ إلى المَخاطِرَ، والذي قَد يفتُكَ بفئة الشَّباب والمُراهقين على وَجْهِ الخُصوصِ.
أما آنَ الأوآن ليسْتَمرَّ هذا النِّظامُ المُتَّبّع في أزمة كورونا أنْ يَسْتَمرَّ حتى بَعد انْتهاءِ الأزْمَة؛ لِنَبقى انموذجًا رائعًا يُحتذى بِه أمامَ الدُّول الأخرى في الأزَمات وبَعدها.
إنَّ كَثرة المُبادَراتُ الاجتماعيَّةُ والخيريَّة والتَّعليميَّة؛ كتفعيلِ المِنصَّات التَّعليميَّة. والتَّشاركيَّة في كلِّ هذه المبادرات والقُدرة على مواجهة ِالتَّحدِّيات والتي أظهرت مدى تّعاون وتّكافُل المجتمع الأُردنيَّ في ظّرف استثنائي قادَت الى نَجاحِ باهر في التَّعلُّم عن بعد بتوقيعِ من رئيسِ الوزراءِ الدكتور عُمر الرَّزاز، هذه الظُّروف التي استطاعت ان تُظهر مَعدن المواطن الأُردنيَّ الأصيل الذي يّظهرُ في الصِّعابِ، كما أشارَ إلى ذلك جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه.
لما لا يَسْتمرُكلَّ ذلك إلى مابعد انتهاءِ الأزمة؟ لِتقود بنا في النَّهايةِ إلى سلسلةِ من النَّجاح في كافَّةِ المَجالات، وليُعيدَ كلُّ فَردِ، وكلُّ أُسْرةٍ النَّظَر في تَنْظيمِ حياتِها، وتَرتيبِ أولوياتها ، فَالوقتُ الآن بين أيدينا، لِنَعتْاد َحياة أفْضَل، لأن هذا مايُريدَه الشَّعبُ الاردنيّ والذي نلتمسه من خلال التزامِه وتَعاونه وعزيمَته، وكما أشاد به جلالة الملك من خلال خطابه المُوجَّه للأسرَةِ الأُردنيَّة موحيًا بالنَّصرِ القَريبِ ضِد العَدوِّ المُشتَرك لنَا جَميعًا (كورونا) بقوله " النَّجاحُ يّعْتَمدُ على التِزامِكم". وأنا أقول "سِعادَتُنا وصِحَتُنا بينَ ايديكُم"
حفظ الله الأردنَّ شَعبًا وقيادةً هاشميَّة