هل تمهد اللقاءات الأمريكية – الإيرانية لانفراج في الساحة اللبنانية؟
راسم عبيدات / القدس
01-06-2007 03:00 AM
..........اللقاءات التي عقدت مؤخراً بين السفيرين الأمريكي والإيراني في العراق ، يبدو أنها لم تقتصر على بحث المسألة العراقية ، ولا وفق إشتراطات الأجندة الأمريكية للقاء ، بل طالت مسائل وقضايا إقليمية أخرى ، وبالتحديد القضايا الفلسطسينية واللبنانية ، في وقت كانت فيه الإدارة الأمريكية تصر على التعامل مع إيران ، كإحدى دول محور الشر .. وبالتالي ترفض بالمطلق التعاطي أو التفاوض أو التباحث معها ومع سوريا حول قضايا إقليمية ودولية ، ولكن يبدو أن هناك جملة من التطورات المتلاحقة والمتسارعة ، فرضت قسراً على الإدارة الأمريكية المتشددة ، التعاطي والتفاوض مع إيران وسوريا حول مسائل إقليمية وبالتحديد القضيتان العراقية واللبانية ، حيث يقف على رأس وقمة هذه الأسباب والمتغيرات ، عمق وإتساع الأزمة الأمريكية وتصاعدها في المستنقع العراقي ، وخصوصاً الخسائر البشرية ، ولهذا تحاول أن تجد لها مخرجا يحفظ لها ماء الوجه ، ويظهرها بأنها لم تهزم في العراق ، وأن المقاومة العراقية لم تنصر ، لما لذلك من خطورة على هيبة وسمعة وقوة أمركيا دولياً وإقليمياً ، ولما له من مخاطر على مصالحها وأهدافها في المنطقة ، ولعل الأخطر من كل ذلك ، هو الخوف أن تشكل الهزيمة الأمريكية في العراق ، نموذجاً وملهماً لقوى المقاومة والمعارضة والممانعة العربية والدولية ، لتصدي للسياسات الأمريكية والإعتراض عليها ، بل ورفضها ومقاومتها ، والعمل على إسقاط وإزاحة أنظمة وحكام موالين لها ، او هم من الأدوات الطيعة والخادمة والمنفذة لسياساتها وأهدافها وبرامجها ، ناهيك عن أن التطورات الأخيرة ، قادت بدلاً من شرق أوسط جديد ، إلى تنامي روح وإرادة المقاومة عند الشعوب العربية مستلهمة إنتصار حزب الله في الصيف الفائت على إسرائيل ، والتي خاضت حرباً عدوانية ولإول مرة بالوكالة عن أمريكيا ، حيث أصبح حزب الله ليس قوة لبنانية مؤثرة وفاعلة ، بل قوة لها وزن إقليمي ، حيث يقف الحزب على رأس القوى المعارضة ، التي تعمل على إسقاط ما يسمى بحكومة الأكثرية ، حكومة السنيورة وقوى 14 آذار الفاقدة لشرعيتها ودستوريتها ، ناهيك أن ذلك يشكل خطر على حليفتها الإستراتيجية إسرائيل ، وهذا الإنتصار شكل نموذجاً لقوى المقاومة والشعب الفلسطيني ، على أن إسرائيل ليست بالدولة المستحيل الإنتصار عليها ، بل أن هذا ممكناً ، في ظل قيادة صلبة ومتماسكة ، وتمتلك الإرادة والرؤيا والبرنامج والإستراتيجية ذات الوضوح والتوافق والتوحد والتحلق حولها .
إن جملة التطورات المتلاحقة والمتسارعة ، والتي أفضت إلى حوار أمريكي مع إيران وسوريا ، تضع الأمور في سياقات وإحتمالات رهن بمدى ، تحقق هذه الحورات والمباحثات لنتائج ملموسه ، حيث المعلومات المتوفرة تشير إلى أن القادة الإيرانين ، إتفقوا مع القيادتين الأمريكية والفرنسية ، على حلول للإزمة اللبنانية ، تتمثل في قيام حكومة وحدة وطنية لبنانية ، وإجراء إنتخابات رئاسية ، وأن تكون محاكمة قتلة الحريري من خلال المؤسسات الدستورية اللبنانية والشرعية ، وليس من خلال المؤسسات الدولية وتحت البند السابع ، ولاحقاً، يصبح حزب الله منظمة سياسية ، يجري دمج قواته وعناصره في الجيش اللبناني ، وهناك على الساحة اللبنانية من يستشعر المخاطر الناشئة والناتجة عن الحوار الأمريكي مع سوريا وإيران ، والذي قد يفضي إلى خسارته لمصالجه ومراكزه وإمتيازاته ، وهو يسعى لخلق حالة من عدم الإستقرار في لبنان ودفعه إلى أتون الإقتتال والحروب الأهلية والطائفية والمذهبية ، ولعل ما قامت به عصابة فتح الإسلام ، والمدعومة والممولة من إحدى قوى 14 آذار من عدوان على الجيش اللبناني ، وكذلك إلغاء عيد التحرير للجنوب اللبناني من الأعياد الوطنية اللبنانية ، وإحتجاز والإستيلاء على المساعدات والأموال المخصصة لإعمار الجنوب ، عقاباً لهم على وطنيتهم ومقاومتهم ودعمهم ومساندتهم لحزب الله ، ودفع محكمة قتلة الحريري إلى مجلس الأمن وإقرارها تحت البند السابع من قبل أمريكيا وفرنسا وبريطانيا ، واللافت هنا أن فرنسا أشادت بشجاعة هذا القرار ، والمندوب الأمريكي قال ، أن هذا القرار ، جاء ليثبت أنه لا حصانة للإغتيال السياسي في لبنان ، او أي مكان آخر ، وترى لوكان الشخص المغتال ، ممن يعارضون سياسات وبرامج ومصالح أمريكيا ، من أمثال الشهيد ياسر عرفات ، أو سماحة الشيخ حسن نصر الله ، ماذا سيكون الرد الأمريكي ؟ فأنا واثق أن أمريكيا ستوفر الحماية والغطاء للقتلة ، ولعل إقرار المحكمة الدولية لقتلة الراحل رفيق الحريري ، هو كما عبرت عنه المعارضة اللبنانية ، محطة أخرى على طريق إنهاء الإستقلال ومظاهر السيادة الوطنية ، ورفض مقترحات حزب الله حول معالجة قضية عصابات فتح الإسلام ، بأن الجيش اللبناني خط أحمر، والمدنيين الفلسطينيين خط أحمر ، والمعالجة سياسية أمنية قضائية ، من خلال تسليم كل المتورطين من تلك العصابة في الإعتداء على الجيش اللبناني ، يشير إلى أن هناك من يدفع الأمور نحو الإنفجار لبنانياً .
ومن هنا نقول أن الحوار الأمريكي – الإيراني ، إذا ما تم التوصل فيه ، إلى حلول مرضية للملف النووي الإيراني ، وإقرار بالمصالح الإيرانية في العراق والمنطقة وتحديداً لبنان ، مقابل عدم تهديد وتعريض المصالح الأمريكية للخطر ، فإن الأمور في الساحة اللبنانية ستتجه نحو الإنفراج ، وفق ما أتفق عليه إيرانياً وفرنسياً ، وبضوء أخضر أمريكي ، اما إذا لم يفضي الحوار الأمريكي – الإيراني ، إلى نتائج ملموسة ، فإن الأمور ستتجه نحو التصعيد والتأزيم ، وخصوصاً أن الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية تعانيان من أزمات داخلية عميقة ، تهدد وجودهما وبقاءهما في الحكم ، وان المخرج الممكن لهما من هذه الأزمات ، هو التصعيد العسكري الخارجي ، وهذا التصعيد العسكري قد يصل بالأمور إلى حد حرب إقليمية شاملة ، قد تنفذ أمريكياً أو إسرائيلياً ، حيث هناك دفع عالي من قوى اليمين الأمريكي المتشدد ، من أجل شن حرب وهجمات على المواقع والمنشآت النووية الإيرانية ، لمنعها من إمتلاك الأسلحة النووية ، ولجم تصاعد قوتها وتأثيرها الإقليمي ، وبالتالي الدخول إلى مناطق النفوذ الأمريكية المغلقة ، او ربما تقوم إسرائيل بشن حرب على لبنان وسوريا ، من أجل إضعاف وتدمير قوة حزب الله ، وإستعادة هيبة الجيش الإسرائيلي المثلومة بعد هزيمته أمام حزب الله في الصيف الفائت ، ومنع تهديده لحدودها الشمالية ، وإخراج لبنان من دائرة قوى الممانعة والمعارضة والمقاومة العربية ، وإحكام الطوق على سوريا ، ودفعها للإستجابة للإشتراطات والإملاءات الأمريكية والإسرائيلية ، وهناك شواهد على أنه رغم الحوار الأمريكي – الأيراني ، إلا أن هناك حشود أمريكيه عسكريه متواصله ، من أجل توجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية ، وكذلك فإن التصعيد العسكري الإسرائيلي المتواصل ضد المقاومة الفلسطينية ، له دلالالته أيضاً ، والأيام أو الأسابيع القادمه ، ستكون مؤشراً على أين تتجه الأمور ، إما تهدئه إقليمية شاملة وإما حرب إقليمية شامله ، وكل ذلك رهن بلعبة المصالح والأهداف والأجندات الدولية والإقليمية وتحديداً الأمريكية الإسرائيلية ضد قوى ودول المقاومة والمعارضة والممانعة العربية والإسلامية إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية .