كلمات ملكيّة قلّما يسمعها شعب حول العالم ، ونادراً ما تصدر عن زعيم ، فسُنّةُ الخطاب العموديّ تكون إمّا لتبرير عجزٍ أو إكمال نقص ، وكثيراً ما تحمل العتب والتذكير بما قدّم رأس الهرم إلى القواعد .
ويخرج الخطاب الهاشميّ عن أعراف الخطاب تلك ، فهو ثناء قائد أعلى على جنوده إذ يبشّرهم بالنّصر ، وإفتخار زعيم بأهله وعزوته ، إحسانٌ يقابِل الإحسان .
نعم ، لقد بنى هذا الوطن الإنسان ، وجعله أغلى ما يملك وأكثر ما يُصان .
ولقد كتبت كثيراً ، في الشّدّة والرّخاء ، أنّ خير من يعرف الأبناء هو الأب ، وأكثر من يقدّر عزيمة جنوده هو القائد ، ولم يكُن الرّهان الملكيّ نابعاً من فراغ بل من يقينٍ وإيمان .
فهذه الأزمة وكلّ أزمة إمتحنت هذا الحِمى الشّامخ ، كانت أشبه بوسامٍ ينضمّ إلى كوكبة أوسمة شرفٍ سبقته فجعلت منه صخرة صلبة لم تفلح رياح الزّمان في زحزحتها عن الصمود قيد أنملة ، بل كان وسيبقى كبيراً برغم المحن ، فهو لها .
الشّاهد اليوم ، أنّ الحالة التي نمرّ بها والتي أوشكنا بحول الله أن ننتهي منها ثبّتت نقاط الإختلاف الفارقة التي تميّز هذا الوطن في أزمة إختبرت العالم أجمع ، وفحصت بطول مدّتها متانة البُنى وصلابة الأجسام ومدى تماسكها وتعاضدها على المستويين الرّسميّ والشعبيّ ، لتخُطَّ أجمل المعاني على الأرض الأردنيّة ، تماماً كما إعتدنا .
فلقد أعادت هذه المحنة تعريف كلّ شيء ، من تكاتف رسميّ و شعبيّ ، وتكافل إجتماعيّ برغم ما شابها كأيّ مسيرة بشريّة من تجاوز كان في حدّه الأدنى وكانت له الدولة بالمرصاد ، لكنّ الأهمّ والأعمّ هو أنّنا دولة راسخة وشعبٌ عظيم ، يُخشَيانِ ولا يُخشى عليهما .
وهذا ما سعى ويسعى القائد إلى ترجمته في كلّ إيعازٍ وتوجيه ، فنحن بعون الله قادرون على أنّ نخطّ أزهى لوحات البناء والإزدهار ، وما هذه المحطّة إلّا شاحذة للهمم التي طالها بعض اليأس والقنوط ، فما من حربٍ إلّا ولها نتيجة من إثنتين ، إمّا إنتصارٌ أو إنكسار ، وما نحن بمن يقبل الثانية تحت أيّ ظرف .
ومهما فترت الهمم فإنّ همّة القائد لا تفتر ، وها نحن على بداية طريق مقبل يحمل الكثير من التّحدّيات التي أثبتنا بأنّنا #قدّها بعون الله ، ولدينا من أسباب النّصر وإمكاناته ما يكفينا .
من لا يشكر الناس لا يشكر الله ، وطالما أنّنا كبار وجب علينا الشّكر لحامل الهموم الثّقال ، السّاهر على الأمن وتحقيق الآمال ، المراهن على القدرات وحِسان الخِصال ، الثّابت على الإيمان بشعبه من الرّجال وأخوات الرّجال .
قلتها سابقاً وأقولها مجدّداً ، إن شعب هذا الوطن المجبول على الكرامة سادة ، لا يليق بهم سوى حكم الأسياد من بني هاشم .
وخير ما نستشهد به في شكرنا لمقام القائد الأعلى ، ما قال سموّ وليّ عهده الأمين في جلالته حفظهما الله ورعاهم :
" في الصفوف الأمامية دائماً... دمت لنا سنداً وذخراً يا سيّدي " .
فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين