ثقافة المكاشفة والمشاركة بين الحكومة والشعب
عميد متقاعد - محمود السواعير
11-04-2020 11:28 PM
ونحن على انفراج وشيك، بإذن الله، في مواجهة أزمة الفيروس المستجد "كورونا"، علينا أن نكون واعين تجاه أكثر من موضوع، خصوصاً بعد الكلمات المؤثرة التي لامست قلب كلّ إنسان منا ووجهها جلالة الملك، مكاشفاً ومقدّراً الظرف الصعب الذي يعيشه الجميع، وما من شك في أنّ علينا أن نستلهم من روح هذه الكلمات آليات عمل وأفكار جميلة لمزيد من الوعي بهذه الأزمة.
فكيف يمكن أن نحوّل الجوانب والمناحي السلبية في هذا الوضع إلى عناصر إيجابية، تؤدي إلى التماسك الوطني وتشجع وتحفز الطاقات، وتشيع الأمل وتركز على المشاركة الفاعلة في صناعة القرارات؟
في الواقع يمكن تحقيق ذلك من خلال النقاط التالية:
أولاً: أن تنتشر ثقافة الأمل، وفي الوقت نفسه ثقافة الحفاظ على العائلة والوطن واحترام القانون، وهذا أمر ذاتي ينبع من داخل كل واحد فينا، لأن معاندة القانون والخروج بالسيارة أو استفزاز الجهاز الأمني والعسكري الساهر على راحتنا، هو ما يؤدي إلى بلبلة ويخلق نوعاً من جيوب الأزمات الصغيرة التي يجب ألا ننشغل بها، فنحن أمام جائحة لفيروس أعمى خطير ينتشر دون أن يفرق بين من لديه واسطة ومن هو دون ذلك،.. إنّه المرض الذي يتهدد الجميع، وقد قال سبحانه وتعالي: "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة".
ثانياً: من المهم أن تركز الحكومة على تعزيز التماسك الوطني، في كل أركانه ومستوياته، لتحقيق عنصر المشاركة الوطنية أعلاه، وذلك ضروري وحيوي لأنّ معالجة الأزمة لا تقوم على كاهل شخص واحد فقط، فالمشاركة الفاعلة في صناعة القرارات وتنفيذها هي الضمان الأكيد، لأنّ الأزمة تتطلب الكثير من التظافر والتعاون، وربما التضحية بكلّ ما اعتدناه من ثقافة "الأنا" وتحدي القانون والفرح بالواسطة،... إلخ، وهي ثقافة يجب أن تنعدم في كل الأوقات، وتحديداً خلال أزمة كورونا،.. فالفريق الواحد المتكامل هو فريق طوعي لا يكون بالإجبار أو الإكراه، أقول ثقافة تتأصل في نفوسنا، مع عذرنا للقانون في أن يُطبَّق بحزم استجابة لهذا الظرف العصيب على العالم كلّه دون استثناء.
ثالثاً: أن تستمر الحكومة أيضاً، طالما قررنا أنّ على المواطن أن يتخلى عن ثقافة الواسطة و"الأنا" والمحسوبية،... بالمكاشفة دون التقليل من شأن هذه الأزمة، فالصراحة ضرورية وتشعر الناس بالثقة وأهمية العمل الجماعي في مواجهة الأزمات.
رابعاً: كان من المهم أن تصدر الحكومة توجيهاتها المناسبة بتشكيل اللجان اللازمة للمشاركة في إبداء الرأي حول الأساليب الفاعلة للتعامل مع الأزمة، واقتراح الحلول المناسبة لها، وبيان أسبابها ونتائجها وانعكاساتها وإعداد خطة توجيه متكامله تتضمن الآراء والمقترحات الممكنه التطبيق، والعمل على تنفيذ هذه الآراء والمقترحات، بالتعاون مع اللجان ذات العلاقة.