إلى متى منع السيارات من الحركة؟
حلمي الأسمر
09-04-2020 02:15 PM
كنت كتبت مداخلة على صفحتي في فيسبوك، حول تقييد حركة السيارات، وأهمية إعادة النظر في هذا الأمر، واقترحت فيه أن يتم رفع منع الحركة على السيارات الخاصة بالمواطنين، (مثلا تفعيل نظام الفردي والزوجي، كما طبقناها في زمن مضى أيام حرب الخليج كما أذكر) لأن هناك حاجات حيوية لبعض الناس لا يمكن أن تقضى إلا بالسيارة!
واليوم، تلقيت رسالة مؤثرة جدا، عن "ضحية" حقيقية من ضحايا المنع، قالت فيها:
عطفا على منشورك عن ضرورة السماح بحركة السيارات. أنا أم لثلاثة أطفال صغار ومسؤولة عن والدتي السبعينية. زوجي مغترب لم يستطع المجئ لضرورة عمله في بلد اغترابه وأخوتي الذكور جميعا مغتربون.لا احد عندي لتلبية طلبات أسرتي والدتي. وأنا حامل في شهري الخامس وأصاب بنزول الضغط ومخزون الحديد عندي منخفض لذا لا استطيع المشي كثيرا. أسكن في منطقة فيها طلوع ونزول حاد لذا حتى مهمة شراء طلبات البيت من الدكانة قرب البيت مشيا تصيبني بحالة تعب شديد بعدها. منذ يومين لم يبق معي في البيت فلوس كاش واضطررت للذهاب للصراف الآلي لسحب الكاش. ما سحبت البطاقة لسبب ما. كان معي دولارات قلت في نفسي أذهب لأقرب مكتب صرافة لأصرفهم للضرورة القصوى. ولكن أقرب مكتب بالجارنز يبعد تقريبا ٣ كيلو متر عن البيت، فقلت أذهب بالسيارة لأنه مستحيل أقدر أمشي وأكيد لو أوقفتني الشرطة ستساعدني بهذا الظرف الصعب. عند مكتب الصراف كان هناك دورية شرطة وشرحت لهم موقفي كاملا وأنني ملتزمة بالحظر وما عندي أحد وللأسف ما لم أجد التجاوب اللازم، و تم اخذي للضابط في منطقة أخرى ورجعت شرحت له ظرفي، فلم أجد التجاوب المأمول أيضا، وبعد نقاش مؤلم، قلت له "احجز السيارة خلص" وفعلا في هذا الوقت كان همي ارجع لأولادي وأمي ما همني السيارة. أرسلوني للمركز الأمني وهناك كتبنا تعهدأ وحجزوا السيارة. حكيت للضباط هناك ما هي ظرفي وأنه مستحيل اطلع لو عندي رجل يراعي طلبات بيتي، وللمرة الثالثة لم أجد أي تجاوب. احترمت فيهم حرصهم الشديد على تطبيق القانون، فهم يقومون بواجبهم الله يعطيهم العافية بس صراحة بنفس الوقت "انحرق" قلبي وحسيت بمهانة مش طبيعية. وآخر الأمر شرح احد الضباط لمدير المركز الأمني ظروفي، وبمعجزة إلهية بعد مرمطة ٣ ساعات أعطاني السيارة الله يجزيه الخير.
3 ساعات و الوالدة ترن علي قلقة وانا غير قادرة على أن أقول لها ما حصل معي و"بتحجج" إني تأخرت بالسوبرماركت وعند الخضرجي. اولادي صغار وهي معها وهي كبيرة بالعمر ومريضة. ما بقدر احكي غير حسبنا الله و نعم الوكيل!
كلمات قليلة حذفتها من الرسالة، وحاولت أن أبقيها "بحرارتها" ومأساويتها، وهي تكشف عن وجود حالات فعلا تحتاج للحركة بالسيارة، ولا يمكن حصولها على تصريح، فالقانون أعمى، ورجال أمننا غير مخولين بخرقه طبعا، وهم مكلفون بتنفيذه بحذافيره، ولا لوم عليهم، بل اللوم كله على أمر الدفاع الذي لم يراع مثل هذه الحالات، والحقيقة أنه آن الأوان أن يعاد النظر في قضية حظر حركة السيارات، خصوصا وأن مثل هذه الحركة لدى بعض الفئات ليست ترفا بل ضرورة ضاغطة!
القانون أعمى، وعيناه العدالة، وبلا هذه العدالة يصبح أداة للظلم!