فوجئنا أمس كمستثمرين وعاملين في القطاع السياحي، وخاصة الفندقي، من أمر الدفاع رقم (٦) والذي جاء منسلخاً عما يدور في هذا القطاع خلال هذه الأزمة، بل أتى في تفاصيله ليحمّل هذا القطاع هموماً اضافية ويمدّد فترة تعافيه اللامعلومة، وكأن من بحث وكتب في تفاصيله لم يراعي خصوصيته وظروفه، بل وأكاد أجزم أن المختصين من القطاعين الحكومي والخاص لم يشاركوا في صياغته أو يطلعوا على تفاصيله.
في قراءة سريعة لأمر الدفاع رقم (٦) وتفاصيله وربطه بتفاصيل القطاع السياحي عامة والفندقي خاصة سنلاحظ ما يلي من سلبيات عملية في حال تطبيقه بصيغته الحالية:
أولا: تناسى أمر الدفاع خصوصية بعض القطاعات واختصاص وزارات معينة بها، فالوزارة المناط بها كل ما يخص المنشآت السياحية والقطاعات العاملة في القطاع السياحي كالفنادق والمطاعم السياحية ومكاتب السياحة والأدلاء السياحيين والنقل السياحي هي وزارة السياحة والآثار العامة، وليست وزارة الصناعة والتجارة، وبالتالي فان تغييب دور الوزارة وعدم اشراكها كمظلة متخصصة في اللجنة المشتركة ما بين وزارة الصناعة والتجارة ووزارة العمل والتعامل مع القطاع والعاملين والمستثمرين فيه كباقي القطاعات دون فهم خصوصيته سيكون له الأثر السلبي على كلا الطرفين. وهنا أتساءل أين كان دور الوزارة المسؤولة عن قطاع يشغّل أكثر من ثلاثة وخمسون ألف شخص مباشرة وعشرات الألوف بشكل غير مباشر عند كتابة تفاصيل أمر الدفاع؟
ثانيا:
لم يراعي أمر الدفاع القطاع الفندقي خاصة والسياحي عامة بتفاصيله التي قرأناها، فعلى سبيل المثال. كمالك لمنشأة فندقية فأنا لا أرغب بالتوقف عن العمل وتجميد نشاطي الفندقي، ولكن بنفس الوقت فان ايقاف أعمالي جاء (قسرا) لأسباب واضحة وخارجة عن ارادتي، فالحدود مغلقة وحركة الطيران معلّقة والقطاع السياحي العالمي يعتبر مشلولاً في الوقت الراهن، وسيكون في ذيل قائمة القطاعات التي ستتعافى من أثر الجائحة عالميا واقليميا ومحليا. بالتالي فان المعادلة وحسب أمر الدفاع لا تراعي خصوصية هذا القطاع، فمالك المنشأة الفندقية في هذه الفترة غير قادر على تحمل المصاريف التشغيلية كالرواتب وغيرها من المصاريف الشهرية لعدم وجود مدخول مادي من العملاء الذين يسكنون في المنشأة أو يستخدمون مرافقها. ولكن وبنفس الوقت فان مالك المنشأة لا يرغب باغلاقها للعديد من الأسباب العملية والفنية أذكر منها بعض المثال التالي وليس الحصر:
ان ايقاف المنشأة الفندقية عن العمل والتقدم بهذا الطلب الى اللجنة المختصة سيعني التخلي عن الموظفين الحاليين ولو مؤقتا وهذا بحد ذاته يعد ضررا هائلا على المنشآت الفندقية التي تعاني من قلة العمالة المدربة والتي أنفقت مئات الآلاف من الدنانير لتدريب وتطوير العاملين فيها الذين يعتبرون جزءا مهما ورأسمال بشري لا يمكن الاستغناء عنه. بالتالي، فانه من غير المنطقي أن يجد مالك المنشأة الفندقية نفسه بين خيار التوقف المؤقت والتخلي عن، أو ايقاف موظفيه حاليا الذين قد يجدون أنفسهم مضطرين الى العمل في مجال آخر وعدم العودة الى المنشأة في حال تم اعادة فتحها في وقت لاحق بعد اجتياز هذه الأزمة. وهنا يدور في خاطري سؤال عن الظلم الذي سيلحق بالمنشآت التي ستغلق (قسراً) ولن تكون ضمن لائحة المؤسسات أو الشركات العاملة والتي، وحسب أمر الدفاع سيكون لها حوافز لأنها تعتبر عاملة وتدفع الرواتب الشهرية لموظفيها خاصة المنشآت الصغيرة والتي تعد بالمئات.
أيضا، ماذا عن المنشآت التي مازالت تعمل بنسبة اشغال ضئيلة لا تتجاوز الخمسة أو العشرة بالمائة والايرادات من هذه النسب لا تكفي لدفع فواتير الكهرباء فما بالنا بالرواتب؟ هل تعتبر هذه المنشأة عاملة وجميع موظفيها الذي يصل عددهم في بعض المنشآت الى المئات مستحقون لنصف الراتب؟ وهل تعتبر المنشأة ملزمة بتأمين ذلك دون ايرادات لأنها تعتبر عاملة؟!
لذا نعود ونسأل مرارا وتكرارا، أين دور مؤسسة الضمان الاجتماعي التي يساهم فيها شهريا مالك المنشأة الفندقية والسياحية وموظفيها بما مجموعه ٢١،٧٥% من قيمة الرواتب، وأين الحماية لهم في هذا الظرف الاستثنائي؟
الحديث يطول والأمثلة في باقي القطاعات السياحية كثيرة لذا فان الخلاصة تقول بأن القطاع السياحي له خصوصية وظروف وعوامل يجب الأخذ بها ودراستها بشكل مفصل مع القائمين عليه للوصول الى حلول منطقية تحول دون انهياره وتساعده على الوقوف والاستمرار خلال هذه الأزمة التي ستكون آثارها عليه أقسى من الكثير من القطاعات الأخرى، وبالتالي فانه من المهم خلال هذه الفترة اصدار قرارات تحمي المنشآت والمؤسسات والأفراد العاملين في هذا القطاع كي لا نصل الى مرحلة التعافي بمؤسسات مغلقة وموظفين مختصين تم تسريحهم وديون طائلة ترهق القائمين عليها.