بعد النجاح النسبي الملحوظ للأردن في إدارة الأزمة وحصر هذا الوباء وانتشاره في حدوده الدنيا، فقد بدأ التفكير بعودة النشاط التدريجي لجزء من المؤسسات المهمة لكي تمارس مهامها بالحد الذي يوازن ما بين الحد من الخسائر الاقتصادية للتعطيل وبين ضمان استمرار السيطرة على انتشار المرض والعمل على إنهاءه. ومن هنا بات التفكير باقتراح النظر في إمكانية فتح الحدود للحد من الضغوطات التي تعرضت لها فئات كثيرة من المواطنين داخل البلد وخارجه نظراً لفترة الإغلاق التي قاربت الشهر.
والآن؛ ونحن على أبواب الإجازة الصيفية التي يعود فيها المغتربون سنوياً إلى أحضان بلدهم، فإن الحاجة إلى التفكير في فتح الحدود باتت قضية لها أولوية على المستوى الوطني تحتاج اتخاذ قرارات توازن ما بين احترام الإجراءات الحكومية ومساعدتها على تخطي الأزمة وما بين الحق الدستوري لأي مواطن في أن يعود إلى بلده متى شاء وبكل حرية، وللأهل والأبناء أن يلتقوا بأحبائهم الذين غابوا عنهم طلياً للرزق أو العلم في أصقاع الأرض.
وحتى نحقق رغبة المغتربين بالعودة بسلام ونبقى مسيطرين على الوباء بشكل فعّال، فإنني أقترح تنظيم عملية عودة المغتربين والبدء بها بأسرع وقت حتى تتم بكل فعالية. ويتم ذلك من خلال مرحلتين: -
المرحلة الأولى: إنشاء منصة حكومية خاصة لذلك، وأقترح أن يوكل أمر إنشاءها وإدارتها إلى دائرة الجمارك وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
ستتضمن مهام منصة الجمارك فيما يلي:
- حصر عدد المغتربين الذين يخططون للعودة ووقت عودتهم. ويتم ذلك من خلال دخول المغترب إلى المنصة وتسجيل كافة البيانات المتعلقة به مثل بلد الإقامة وعدد أفراد أسرته والقدوم بالسيارة أو بالطائرة...........الخ.
- تنظيم عملية قدوم المواطنين عبر الحدود بحيث يتم التنظيم المسبق لعودتهم على دفعات تتناسب مع ظروفهم ومع إمكانيات المراكز الحدودية والجهات الحكومية ذات العلاقة، بما يضمن انسياب الإجراءات الجمركية والتسهيل على المسافرين وعلى المراكز الحدودية. بحيث تتضمن المعلومات التي تعبأ على المنصة بيانات مثل: عدد المسافرين مع كل مغترب، والفترة التي سيتوجه فيها للأردن (اليوم والتاريخ، والفترة من اليوم لأقرب ساعة لو أمكن). ويمكن أيضاً تجهيز بيانات السيارات لغايات الترخيص والتأمين، والإفصاح المسبق عما سيحمله كل مسافر لتسهيل الإجراءات الجمركية وانقضاءها بشكل دقيق وسريع.
ونتمنى هنا على إدارة الجمارك المعروفة بتعاونها ومرونتها السعي لدى الحكومة بالسماح بتمديد فترة مكوث السيارات لأن البعض سيمكث في الأردن أكثر من 3 أشهر، وعدم تحميل المغترب تكاليف إضافية.
المرحلة الثانية: متابعة القادمين بعد الانتهاء من الإجراءات الجمركية.
- إجراء فحوصات طبية أولية على المسافرين في المراكز الجمركية وتحويل من تثبت إصابته بالفايروس إلى المراكز الطبية أو الحجر. فيما يكمل من لا تثبت إصابته بالمرض طريقه.
- يتم تحديد وجهة المسافر وعنوانه داخل الأردن مسبقاً من خلال منصة الجمارك، وتمرّر المعلومات الخاصة بذلك إلى مديرية الأمن العام.
- يتعهد المسافر بالوصول إلى العنوان المحدد مسبقاً خلال فترة محددة، والتعهد والالتزام قانونياً بكل إجراءات الحظر التي تحددها الجهات المختصة، التي قد يكون منها التعهد بإجراء فحص طبي إضافي خلال فترة معينة (مع العلم بأن المغتربين خاضعون منذ أكثر من شهر للإجراءات المشددة للحظر المتبعة في البلدان التي يعملون بها).
قد تكون هناك تفصيلات دقيقة لم أذكرها حتى لا أطيل على القارئ. والهدف الأساس من هذا المقال أن يصل الاقتراح إلى متخذي القرار ومن ثم تأتي التفاصيل الدقيقة.
المغتربون هم أولاً أبناء البلد البارّين بها، يعيشون أيام الاغتراب وساعاته على أمل اللقاء بالأهل والأحبة واستنشاق هواء الأردن، وهم من فئة مثقفة ومتعلمة وحريصة على كل ما يحقق المصلحة العامة. فلا أقل من أن يستقبلهم حضن بلدهم الدافئ بما يليق بهم وببلدنا الحبيب. عسى الله أن يرفع عنّا هذا البلاء وعن البشرية جميعاً.