الفرصة السكانية ومستقبل الاقتصاد
حسن الشوبكي
19-01-2010 06:01 AM
ليس سرا ان التخبط الذي اتسمت به ادارة ملفات الاقتصاد خلال السنوات الاخيرة كان سببا في تضاؤل دور الطبقة الوسطى وتفاقم مستويات الفقر وحدوث تحولات سلبية في المجتمع ناجمة عن حالة احباط اقتصادي متراكم. كل ما سبق تم والبلاد تتساءل عن جدوى الليبرالية "المتوحشة" والحرس القديم الذي لا يملك حلولا سحرية او غير سحرية لمشكلات الاقتصاد اليومية لا سيما البطالة واستحداث فرص اقتصادية جديدة.
الفشل او بعض ملامحه في الاونة الاخيرة ليس قدرا، فبالامكان ان يفتح مخططو الاقتصاد ابوابا جديدة، من شأنها ان تساعد في حلحلة الامور، اذ توجد بارقة أمل فيما تسمى "الفرصة السكانية" التي اذا استغلت على نحو ذكي ، فإن الاقتصاد سيمسي – ولو بعد حين – منافسا وحيويا ومفعما بطاقات شابة عز نظيرها لدى كثير من الدول.
الفرصة السكانية والتي تعني بلوغ نسبة السكان في اعمار القوى البشرية اعلى مستوى لها وان تكون نسبة الإعالة العمرية في ادنى نسبة لها، ستبدأ في الحصول في الاردن بحلول العام 2030.
وتشير التقديرات الرسمية وغير الرسمية الى ان التحول الديمغرافي سيصل ذروته بعد عقدين وذلك عندما تتجاوز نسبة سكان الاردن في أعمار القوى البشرية نسبة المعالين بدرجة كبيرة، حيث سيكون 69 % من السكان في أعمار القوى البشرية بينما ستنخفض نسبة الاطفال بين السكان من 36 % حاليا الى 25 % في عام 2030 والى 22 % في عام 2050، ونتيجة لذلك ستنخفض نسبة الإعالة من 66 فردا لكل مائة شخص في اعمارالقوى البشرية في الوقت الحالي الى 45 فردا بعد عشرين سنة.
وفي الوقت الذي ترسم فيه الفرصة السكانية ورودا على طريق التخطيط الاقتصادي تضع ايضا تحديات في ذات الطريق. اذ تنطوي تلك الفرصة على زيادة ضخمة في حجم قوة العمل الاردنية التي سيتضاعف حجمها 1.9 مرة بين عام 2008 وعام 2030 وستزيد كذلك في المدخرات المحلية في مديات متوسطة وبعيدة الاجل وهو ما يستدعي تهيئة الاقتصاد عبر سياسات مدروسة للتساوق مع تلك الارقام والنسب الايجابية، وألا تتحول قوة العمل الى عبء على الدولة واقتصادها كما هو حاصل حاليا في ارتفاع نسب البطالة لا سيما في اوساط الشباب.
تلك الفرصة ، ستساعد في رفع حجم فرص العمل المستحدثة والمتوقع ان تتجاوز 130 الف فرصة في غضون عقدين ، غير ان تلك الفرص تستلزم تحقيق تغيير واضح في انماط الادارة وطرق الجذب الاستثماري وتدريب وتهيئة القوى العاملة لتكون جاهزة لسوق العمل ، وكذلك للابقاء على اتجاه معدلات الخصوبة ضمن مستويات منخفضة.
وهي التي شهدت تراجعا ايجابيا وكان مستواها في عام 1976 ما نسبته 7.4 طفل لكل انثى في سن الانجاب ( بين 15 عاما و49 عاما ) ولكنها انخفضت الى نسبة 3.6 في العام 2008.
الفرصة السكانية سلاح ذو حدين في أيدي مخططي الاقتصاد، فإن احسنوا التدبير والتخطيط كانت الفرصة وثابة للاقتصاد بحلول عقدين، وبغير ذلك فإن الاعباء ستزيد وستضيع الميزات النسبية التي من الممكن ان ينافس من خلالها الاقتصاد وعلى رأسها القوى البشرية.
في الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم كان المعلم والطبيب الاردني مثالا ونموذجا في التميز داخل وخارج البلاد، وتمكنت تلك النخب من بناء قدرات الدولة ودول عربية اخرى.
واليوم ونحن نتأهب في التخطيط للعقدين المقبلين نأمل ان تستعيد تلك النخب سمعتها وقوتها على المستويين المحلي والخارجي، ولكن ذلك لن يتحقق الا اذا استثمرت الدولة جديا في قطاعي التعليم والصحة وعلى نحو مدروس.
الغد