لا نكاد نغيب ساعات عن وسائل التواصل الاجتماعي إلا ونفاجأ بنقاشات طويلة فتحت حول خبر مزعج عن مصابين جدد بالكورونا، وأغلب هذه النقاشات يطرح سؤالا: (الحق على مين) ؟!
يبدو أن غالبية الناس ترتاح عند وضع اللوم على الآخر لاسيما إذا كان هذا الآخر هو الحكومة! وليس من باب الدفاع عن الحكومة، فإنها في هذه المرحلة تقوم بعمل جيد، ومن الطبيعي أن يشوب عملها النقص، فمن يعمل قد يجتهد، وقد يختلف الناس حول اجتهاده، ومن السهل على عدد منهم الانتقاد فحسب.
جاءت الكورونا بشكل مفاجئ، فعصفت بالعالم أجمع، وبالتالي، فإن الحكومات المختلفة في دول العالم اجتهدت، فنجحت في أشياء، وأخفقت في أشياء، ومنها الأردن، في ظل قلة المعلومات التي تمتلكها الأمم عن هذا الفيروس الشرير الذي فاجأ المؤسسات الإنسانية بما لا تحب، ومنها منظمة الصحة العالمية مع ما تمتلكه من كادر طبي وخبرة في مجال الأوبئة إذ تقوم الحكومة الأردنية بالتنسيق معها، وتتصرف ضمن بروتوكولاتها – فإن استراتيجية التعامل مع الفيروس قد تتغير من يوم إلى آخر.
قامت الحكومة بما عليها في مواطن كثيرة من هذه الأزمة حتى أنها طوقت بؤر المرض بالجيش، وتقوم كوادرها الطبية بعمل عدد كبير في إجراء الفحوصات في مزيد من محاصرة المرض، وقد تم ذلك بنجاح كبير.
والسؤال اليوم كيف ساعد المواطن نفسه وحكومته، بل ووطنه في مواجهة فيروس الكورونا؟
الحق يقال أن غالبية المواطنين التزمت بالحظر، والتباعد الاجتماعي، لكن للأسف أن القلة التي لم تلتزم هي التي تهدر جهود الجميع: الحكومة والمواطنين الملتزمين. فبداية من عرس إربد وانتهاء اليوم بقصة صبحي يقع جزء من اللوم على المواطن؛ صحيح أن العرس كان في بداية الأزمة، لكن الذي جاء من الخارج كان أكثر اطلاعا على ما رآه هناك من أمر المرض، وقد قطعت شوطا في المعاناة وانتشار المأساة، وكان يمكنه إفادة غيره بمشاركة خبرته وتجربته، وكذلك صبحي، وفرضا تأخرت الحكومة في إعلان وفاة والده بالكورونا _كما يقال- فإنه سمع منها أن هناك شكوكا حول سبب الوفاة، ودليل ذلك أنه التزم بإجراء الدفن على نطاق ضيق، فكيف إذا ثبت إصابته هو وأفراد من أسرته؟! ولماذا لم يلتزم بالتباعد الاجتماعي عند عودته للعمل، فلمَ يقبل التعازي بالتقبيل والأحضان وهو يعلم علم اليقين خطورة ذلك في إمكانية نقل المرض حتى لو كان والده غير مصاب بالكورونا، ومثل ذلك قد يقال في قصة طبيب الرمثا... أما بائع الخضار، فلا أعرف إن كان يتوجب على الحكومة وضع شرطي على رأس كل مواطن، وشرطي آخر لمنع التقبيل، وتحقيق التباعد الاجتماعي حتى داخل البيوت، أما عدم الالتزام بالحظر فهو اتهام صارخ بعدم التعاون مع وطنه وزيادة أمد الابتلاء.
إن محاولة كل جهة وضع اللوم على الجهة الأخرى هو جهد عبثي لن يفيدنا في شيء، ولكن من حق الغالبية من المواطنين الملتزمين أن يروا نتائج التزامهم ووعيهم، ومن حقهم على حكومتهم تغذية السلوك الإيجابي عندهم بمزيد من الضوابط لمن يثبت حملة للفايروس بفرض إجراءات أكثر صرامة؛ لذا على الدولة أن تفرض بموجب أمر الدفاع عقوبة أكبر على غير الملتزمين، وعلى كل من أخفى أنه مخالط، أو من يتستر على أي شخص مخالط أو مصاب.