على هامش ما يجري في ايران
أ.د. سعد ابو دية
19-01-2010 04:23 AM
إيران من الداخل
أعاد مايجري في ابران بعد انتخاب محمود احمدي نجاد الى خاطري موضوعا في غاية الأهمية وهو علاقة الحضارة الفارسية بالعلم وكيف اغرق الفرس المكتبة الإسلامية بالشعر والنثر وتركوا أثرا هائلا من فكر علمائهم فاق ما تركه الأتراك الذين قضوا هنا أربعة قرون ولا يوجد مجال للمقارنة.
اثارالعلم
في كل خطوة يخطوها الإيرانيون ألاحظ أثار العلم. وحتى السياسيين لهم مجالات واسعة في حقول العلم ولاحظت في عام 2005 عندما زرت ايران للمرة الثانبه ان خاتمي كان مديرا للمكتبة لمدة (13) عاما وان نجاد نفسه يسير على الطريق ذاته و يعيش على راتبه كأستاذ في الجامعة فقط واعترف في الحملة الانتخابيه الاخيره بذلك. وفي المكتبة الجديده العملاقة احببت ان امتحن الموظفات في سرعة استخراج معلومه بدأنا نبحث سويا واستطاعت موظفه من الموظفات ان تستخرجها قبلي. درس عملي على الخبرة العلمية.أنت امام ناس جادين كل الجد.
سارت ايران على خط العلم والعقيدة وشكل الامام آية الله العظمى الخميني الحرس الثوري على اساس عقائدي لانه كان يشكك في ولاء الجيش. وللعلم فإن صبري أبو المجد رئيس مجلس ادارة الهلال في مصر اخبرني يومها في جلسة من جلساتنا الطويلة في دار الهلال بالقاهره ان الجيش كان قبل ذلك في عهد الشاه (سنيا).
معنى رتبة اية الله العظمى
وعودة لموضوع العلم والثيوقراطية (حكم الدين) فإن للشيعة بشكل عام تركيز على هذه الناحية في ايران وخارجها. قبل أشهر قرأت ان مقتدى الصدر في العراق قد حصل على رتبة آية الله العظمى وهي المرتبة الأخيرة في مراتب الانخراط في سلك الدراسة ولا يمكن ان يقبض عليه بعد هذه المرتبة لانه حاز حصانة هذه الرتبة تاتي على مراحل خمس هي :
. والمرتبة الاولى:
طالب علم
ثم مجتهد
ثم مبلغ الرسالة
ثم حجة الإسلام
ثم آية الله
ثم آية الله العظمى
. وعدد آيات الله العظمى لا يتجاوز خمسة أشخاص وهذا ما سارت عليه ايران. هذه الثيوقراطية امتدت الى العراق ولبنان وهذه الثيوقراطية تخلصت من شاه ايران بكل بساطة وهو يجلس على عرش الطاووس ومعه المال واجهزة السافاك والدعم الغربي الهائل.وجاء الخميني بامكانية بسيطة جدا.شاهدت منزله البسيط وقابلت ابنته الزهراء في ذلك المنزل عام 2001 وابدت استعدادها للاجابة على أي سوءال يدور في خاطري .استمر اللقاء ساعتين واكثر. وللعلم لم اشاهد مكتب او منزل نجاد ولكن قالوا لي ان منزله ومكتبه بسيطان
دبلوماسيه وثيوقراطية
الثيوقراطيون ومنهم المرشد العام علي خامنئي يستخدمون المال بالطريق الصحيح في الخدمات الاجتماعية والدعاية. وفي الانتخابات التي فاز فيها نجاد ذهب نجاد بالحطة والعقال الى خوزستان وخاطب العرب وهم 5% من القوميات في ايران بلغة عربية ضعيفه ولكن اثر فبهم وعمل المرشد العام الشىءذاته مع الاذريين وقطع الطريق على موسوي وحقق ما يريد. والقوميات في ايران تزيد عن النصف وإيران الأقدر في التأثير عليها.
ولم يغفل ولي الامر عن القوميات حتى الأكراد السنة. فقد سمح التلفزيون المحلي ببث الأذان السني وهذا شيء لم يحصل منذ (30) سنة في ايران وخوطب الاذريون من خامئني بلغتهم وقطعت الطريق على الاذري أمير حسين موسوي (67) سنة وهو ليس بعيدا عن الخطوط العلمية. فزوجته كانت ترأس جامعة الزهراء في طهران وقد ضربها نجاد في الصميم عندما طعن في صحة شهادتها. وموسوي رئيس وزراء سابق في الايام الحالكة السوداء من 1980 – 1989 ايام الحرب وهو نصف اصلاحي عمل مع رفسنجاني مستشارا من 89 – 1997 ومع خاتمي من 97 – 2005.
استقطاب الريف
وكما قلت فإن خط الثيوقراطية وحكم الدين والولي الفقيه ابعد الإصلاحيين تدريجيا. وهناك في ايران مجلس صيانة الدستور احد المؤسسات التي أبعدت الإصلاحيين ومهدت الطريق في الانتخابات البلدية وغيرها لمجيء نجاد عام 2005 لأول مرة على حساب عمالقة مثل رفسنجاني وهاشمي. وهذه المرة فإن الثيوقراطيين والولي الفقيه نجحوا في إبعاد عمالقة يجرون تاريخا ورائهم مثل مهدي كروبي الذي ترأس مجلس الشورى (1990 – 1992) (2000 – 2004) ومحسن رضا في كادر الحرس الثوري (17) سنة وهو محافظ وليس إصلاحيا ولكن نزل للانتخابات وفق خطة اخذ الأصوات في المنطقة الرمادية التي يمكن ان لا تذهب الى نجاد . ومحسن محافظ يشغل منصب سكرتير مجلس تشخيص النظام الذي يرأسه رفسنجاني.
وفي الاطار الثيوقراطي قامت المؤسسة في ايران بفعالية بالغة في التعبئة في المؤسسة العسكرية التي لم ينتبه لها الاصلاحيون وقامت بالتعبئة في الارياف في الحسينيات وهذا امر لم يقم به الاصلاحيون. فالناس يمكن ان يصوتوا في الارياف لخاتمي كما فعلوا سابقا ولكن لا يفعلون ذلك دائما. لقد قامت المؤسسة بالتعبئة في الحسينيات وهكذا يبدو لنا ان تخطيط المحافظين افضل الف مرة فهم اتفقوا على نجاد. اما الاصلاحيون فقد عجزوا عن الاتفاق فهم لم يشجعوا خاتمي ولم يتفقوا على خروبي بسبب كبر سنه (72) سنة ولا لاريجاني ولا غيره وأخيرا نزل موسوي الذي هو نصف محافظ ونصف اصلاحي وهكذا نزل للانتخابات اربعة اشخاص اثنان محافظان وواحد نصف (اصلاحي). هذا من مجموع (700) شخص تمت غربلتهم في مجلس الدستور وفي مجلس صيانة الدستور عدد من العلماء .
دولة ليست عادية
وهكذا تلاحظ ان المؤسسة تعمل بتخطيط على عكس الاصلاحيين فخروجهم للشارع للاحتجاج خطأ واذا صح الكلام عن علاقات اطراف داخلية بقوى خارجة مثل بريطانيا وغيرها فإن اوراق المحافظين افضل. لاحظ قوة تأثير المؤسسة الدينية في الخارج في العراق ولبنان. ان دولة قادرة على الاستمرار والاحتفاظ بهذا التأثير هي دولة ليست عادية وهي قادرة على ازعاج الامريكيين في العراق وافغانستان وقادرة على التأثير في لبنان بقوة. هي تخطط للصمود ما استطاعت لذلك سبيلا. هذا التأثير متغلغل في الحرس الثوري والمؤسسة العسكرية وعلى رأس الدولة علي خامنئي صاحب تأثير ديني ومؤسسي رزبن حكبم. وأي موقف لاي شخصية دينية كانت ليس له تأثير امام شخصيتين عظيمتين من ايات الله العظمى (اعلى مرتبة دينية) مثل همداني ممن يؤازرون المؤسسة. ان الموسسسة تخطط و وزن أي واحد من رجال الحكم والدين يفوق الف مرة وزن اي دعم خارجي .
الدعم الخارجي اكذوبه
ماذا عمل الدعم الخارجي في لبنان او العراق وهي ساحة مفتوحه وليست مغلقه كايران. الجواب لاشيء. ماذا تعمل سيدة مثل (زهراء) زوجة موسوي التي بعد لقاءات مع شيرين عبادي توقعت انها مثل زوجة اوباما او هيلاري كلينتون. وهي لها علاقة قديمة مع الاميركيين اذا انها هربت بعد نهاية الزعيم الديني شريعتي وعادت بعد الثورة وارتدت الحجاب طوعا وسخرت جهودها لخدمة الثورة ودعم زوجها الذي( جرته) سابقا مع زملائه لشريعتي. وتغاضت المؤسسة عن علاقتها السابقة مع اميركا واعطت زوجها منصب وزير خارجية ثم رئيس وزراء. وظل فيه حتى نهاية الحرب مع ايران 1989 عندما الغي المنصب كله. وطبقا للصحافة غير العربية فإن موسوي كان متطرفا ضد الغربو و ضد الاميركيين في ازمة الرهائن في السفارة الامريكية وفي تأسيس حزب الله في لبنان حيث فتح الباب لقوة جديدة من طراز جديد لم يكن معروفا لاسرائيل وللغرب. نعم هذا المعارض ترك بصماته في لبنان.انظر لاثاره هناك وشاهد البداية والعمل المتقن في بلد مفتوح حتى للنشاط الاسرائيلي
المهم وحتى الان فإن المؤسسة الدينية حافظت على انجازاتها وهي التي تجعل الغرب في موقع رد الفعل دائما. فهي هذه المرة تحرك دول الغرب لتحقيق هدف (معين) قد تكون فرصة للعودة للحديث عنه.