يُصافح الملك الفي شخص ، في وقفة واحدة ، في قصر الملك حسين للمؤتمرات ، امس ، وهو يقول من وقوفه الطويل ان عزمه الصلب لا يضعف ولا يتراجع ، تحت التعب او الضغط.
كنت احد الذين سلموا عليه ، وفي كلامه امام الحضور الذين يُمثلون فعاليات سياسية واجتماعية واعلامية واقتصادية ، رسائل عديدة ، اطلقها الملك ، الاولى تقول انه يدعم حكومته ، حين يقول ان لديه فريقا جديا وهو متفائل بهذا الفريق ، واذا كانت الحكومة في اسابيعها الاولى ، فان تفاؤل الملك من حيث الدلالات يعني انه يحمي خياراته ، ويمنحها الفرصة الكافية ، في وجه الحملات الموجهة لاضعاف الحكومة ، وهي حملات تجري على قدم وساق ، في توقيت حساس لا يفهم اصحابه المخاطر التي تتشكل في ذات التوقيت ، ثاني هذه الرسائل ما يقوله الملك حول الاردن "مرفوع الرأس" وكأن الملك يقول انه لا يسمح ولن يسمح بمس الاردن ، تحت اي عنوان ، وبأي طريقة ، علنية او سرية ، فهذا بلد بقي مرفوع الرأس وسيبقى كذلك ، وفي رسالة الملك ما يتجاوز حدود التفسيرات ، من الداخل الى الخارج ايضا ، الذي يشعر مراقبون هذه الايام ، انهم يستهدفون الاردن لاعتبارات ليس هنا محل ذكرها.
يصف الملك شعبه بأهله وربعه. ينتخي بالناس ، ويوحد صفوفهم ، في وجه من يكيدون للبلد سرا. وهو يقول انه سيزورهم في المحافظات. يأتي كلامه هذا في ظل ذات الاشارة اي ان الشعب الموحد خلف القيادة ، هو القادر على حماية البلد ، من اي اخطار او محاولات لايذائه او خنقه ، سياسيا او اقتصاديا ، او على اي صعيد اخر ، وهو يقول في ذات المعنى ان عنوان المرحلة هو الشفافية والمحاسبة والوضوح ، وتحقيق العدالة بين الجميع ، وايضا الحاجة الى كل مواطن ، وتعبير الملك هنا يعني ان على الناس ان تفتح عيونها جيدا وتتنبه لمصلحة البلد ، في وجه ما اسماه الملك "التحديات" وهو تعبير مخفف ، عن المخاطر والضغوطات ، ومن يسعون الى تخريب الاردن ، او هزه ، او فرض اي سيناريوعليه ، بوسائل عدة ، خصوصا ، ان بيننا من تأخذه الشماتة او سوء النوايا او سوء التقدير للتصفيق تجاه اي مؤشر سلبي يُطل على الاردن برأسه.
حشد الملك للناس ، امس ، وايصاله لرسائل بدلالات واضحة ومباشرة او غير مباشرة ، كان هاما جدا من حيث التوقيت ، والملك اوصل رسائل كثيرة داخلية وخارجية. يفكها من يفكها ، ويفهمها من يفهمها. الرسالة الاهم هي ان الاردن بشعبه وقيادته ، لن يتم السماح بهز استقرارهم ووجودهم سياسيا او اقتصاديا او امنيا ، ومن يبعث رسائل للاردن بطرق مختلفة ، تم الرد عليه البارحة ، خصوصا ، ان المخفي اكثر من الواضح في هذا الصدد ، وما يُريده كثيرون من الاردن ، لا يقبله الملك ولا يقبله الشعب. الملك يُرتب صفوف الداخل في وجه قضايا عدة ، تحتاج الى تكاتف ، وتفهم وفهم ، حتى يبقى الاردن مرفوع الرأس ، واذ كان الملك لم يكشف تفاصيل كثيرة ، فانه يكتفي بالخطوط العامة لاعتبارات مختلفة.
"مرفوع الراس" كود سياسي ، حمل الكثير من المعاني ، داخليا وخارجيا ، وليس مجرد تعبير عاطفي ، لمن اراد ان يفهم حقا سر دعوة البارحة.
mtair@addustour.com.jo
الدستور