استثمار وبطالة وخلايا نائمة
جمانة غنيمات
18-01-2010 03:17 AM
تمتلك بيانات الاستثمار الأجنبي أهمية خاصة في بلد مثل الأردن يعاني من نقص الموارد المالية وتراجع المنح، فالاستثمار في الأردن يعد عنصرا أساسيا في تشغيل الأيدي العاملة إضافة إلى الدور الذي يلعبه هذا المؤشر في الحد من معدلات البطالة.
ويكتسب الاستثمار هذه الأهمية لدوره في تقليص معدلات الفقر، حيث يشي انخفاض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى المملكة بنسبة 53.6 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي بنتائج سلبية على الاقتصاد الكلي خصوصا ما يتعلق بتزايد معدلات الفقر والعوز.
فعلى مدى سنوات سعى الأردن لجذب استثمارات تسهم في تحقيق التنمية المستدامة رغم السلبيات التي اعترت سياسات الاستثمار ونوعية الاستثمار المستهدف، إذ تركزت بشكل صارخ في استثمارات القطاع العقاري التي ينأى الأردنيون عن العمل فيها.
نداءات متكررة خرجت لتطالب بالتركيز على استقطاب استثمارات تنمية لا نمو، لتساهم في حل مشاكل حقيقية تعاني منها الحكومات المتعاقبة، حيث لم يسهم الاستثمار المستقطب في توفير فرص عمل لتقلص من معدلات البطالة التي ارتفعت خلال العام الماضي لتصل 12.9 %، وتنزع أسرا من براثن الحاجة.
ثنائية تراجع الاستثمار وتزايد البطالة هي المشكلة الأهم التي تواجه الحكومة الحالية، الأمر الذي يعمق حالة التباطؤ الاقتصادي في العديد من القطاعات المشغلة للأردنيين في ظل تزايد حالات استغلال قانون العمل الذي يعطي الشركات حق اللجوء إلى إعادة الهيكلة بهدف التخلص من العاملين لديها بتخفيض النفقات.
أرقام البنك المركزي الأردني تؤكد أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي، وانخفض نحو أدنى مستوياته منذ العام 2004، وانخفاض أحجام الاستثمار يعني تقلص قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل.
ومن خلال مقارنة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى المملكة خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي بذات الفترة من العام 2007 يظهر أنه تراجع بنسبة 37.8 % حين كان حجم الاستثمار في ذلك الوقت عند مستوى 943 مليون دينار، وهنا تتضح تبعات الأزمة المالية على دول الخليج تحديدا لناحية تراجع أسعار النفط والسيولة النقدية لدى هذه الدول ما أثر بشكل كبير على حجم الاستثمار في الأردن.
السيطرة على مشكلة البطالة يجب أن تكون أولوية لحكومة سمير الرفاعي؛ حيث يتوقع أن تتابع الشركات عمليات إعادة الهيكلة خلال العام الحالي ويرجح أن تتعمق الحالة الاقتصادية السيئة خلال العام الحالي، ما يعني عاطلين جددا عن العمل، وفقراء جددا وهم بالضرورة من الشباب الذين تتركز فيهم هذه الظاهرة.
خطورة هذه المسألة أن البطالة مرض اقتصادي اجتماعي، وتعد بيئة خصبة لظهور مزيد من العنف وأشكال التطرف، وبالضرورة بؤرة مناسبة لمزيد من حالات الاحتقان وعدم الرضا.
اتساع ظاهرة البطالة لدى شريحة الشباب التي يفترض أن تكون فاعلة ونشطة ومنتجة، أمر غير صحي، فوقوعهم في مستنقع البطالة يجعلهم أداة تنضوي إراديا ولا إراديا في تجمعات قد تضر بالأمن الاجتماعي والسياسي، ولربما تجلب مصائب وتسبب شروخات جديدة في المجتمع نحن في غنى عنها.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد