سياسة البيانات لا تحل مشاكل العنف في جامعاتنا
جهاد المحيسن
14-01-2010 12:23 PM
ليس سرا أن ثمة عنفا يتهدد العديد من الشرائح الاجتماعية في مجتمعنا، وهذا العنف الذي نشهد تعبيراته بأشكال مختلفة، تتعدد الأسباب الموضوعية والذاتية التي تدفعه للبروز على السطح.
ورغم الحديث المتواصل عن أن مثل هذه المظاهر من العنف لا تعدو في حقيقة الأمر أن تكون زوبعة في فنجان، لأن القضية أبعد من أن يتم التستر عليها، إلا أننا نكاد نسمع بشكل دوري ومتواصل عن مشاجرات طلابية في هذه الجامعة أو تلك، ويعزى الأمر في اغلب الأحيان لأسباب عشائرية أو إقليمية تؤجج هذا الشجار، ولكن على صحة تلك الأسباب في بعض من جوانبها إلا أن غياب استراتيجيات عملية لمحاربة هذه الظاهرة يجعل منها عرضة دوما للتجدد، وربما في أحيان أخرى إلى التصاعد في وتيراتها لتخرج خارج أسوار الجامعات إن لم يتم حل المشكل جذريا والبحث في جذورها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
فمن باب أولى في جامعاتنا أن تتحرك لبناء خطط عملية لاستثمار طاقات الطلبة بما يخدم مصالحهم المستقبلية وليس السكوت عن حجم المشاكل التي يتعرض لها الجسم الطلابي، والاكتفاء بتصريحات صحافية تنثر هنا أو هناك أو عقد مؤتمرات لا تخرج نتائجها من أروقة الغرف التي يتم الحديث فيها عن العنف الجامعي، ما يرشح بقاء هذه الظاهرة في واجهة الأحداث في حين يغيب الحديث عن تجارب ناجحة تؤدي إلى تعزيز الشعور الوطني والانتماء للمكان والجغرافيا على حساب الهويات المحلية والنزعات السياسية التي تحكمها أسس عصبية ليست مربوطة بتعميق ثقافة الثقة بالوطن كعامل توحيد للناس.
فليس من المقبول ما يحدث من شجارات متكررة في جامعاتنا والسكوت عنها أو التستر عليها في أحيان أخرى، وليس من باب الحكمة في ذات الوقت تبادل الاتهامات من قبل الجامعة الأردنية وحملة ذبحتونا.
الأصل أن يتم الحوار بين كل الأطراف المعنية بمستقبل طلابنا في الجامعات للوقوف على أسباب هذه الظاهرة ولجمها في معقلها، فحسب خبرتي المتواضعة في العمل الطلابي تتحمل الإدارات الجامعية جزءاً ليس بيسير من أسباب هذا العنف عندما لا تتخذ إجراءات رادعة بحق المتسببين في تلك المشاكل.
وبحكم انحسار العمل السياسي المنظم في داخل أسوار جامعاتنا فإن المشهد البديل هو المشهد العشائري والجهوي والإقليمي وهو الذي سيبقى سيد الموقف. وسواء أكانت تصريحات حملة ذبحتونا أو تصريحات إدارة الجامعة عن حقيقة ما حدث من شجار مؤخرا فإن الأزمة ستبقى موجودة، ومن باب أولى خلق ديناميكية حوار بين الإدارة الجامعية وبين المؤسسات الأخرى غير الرسمية والتي تعنى بواقع الطلاب، حتى يتسنى للطرفين وضع تصورات عملية للخروج من هذا الواقع المتوتر في الجسم الطلابي داخل حرم جامعاتنا المختلفة.
فعندما يلجأ الطرفان إلى سجال إعلامي وبيانات صحافية متضاربة، تعكس في واقع الحال طبيعة الأزمة التي يعيشها الطلاب في جامعاتنا، يستوقفنا كمراقبين حجم غياب الثقة بين تلك المؤسسات وبين الإدارات الجامعية، ويعطي دلالات كثيرة عن غياب رؤية مستقبلية توظف طاقة الطلبة إلى قضايا تخدم المصلحة الوطنية، وتجعل من الجميع شركاء في وضع حلول مبدعة للخروج من دائرة العنف، التي نشاهدها في جامعاتنا، وتؤسس لعلاقة ثقة بين كل المعنيين، لا علاقة اتهام واتهام مضاد!
الغد