هل يؤيد الأردنيون "القاعدة"؟
ياسر ابوهلاله
14-01-2010 12:21 PM
لا تؤيد الأكثرية الساحقة نمط الحياة المتشدد الذي تبشر به "القاعدة"، هذا يظهر من خلال السلوك العام حتى في أوساط المتدينين. وثمة فرق بين التدين الطبيعي والسلوك المحافظ للمجتمع وهو ما يشترك فيه غير المسلمين وغير المتدينين، وبين النظرة المتشددة التي تجسدت عمليا في نظام الإمارة الإسلامية لطالبان أو المناطق التي خضعت لسيطرة القاعدة في العراق أو الصومال.
في المقابل ُيرصَد عداء عام لسياسة الولايات المتحدة بخاصة والغرب بعامة تجاه قضايا العالم العربي والإسلامي، وخصوصا القضية الفلسطينية. وحتى في عز التعاطف مع أوباما كانت الأكثرية بنسبة 77 في المائة ترى أن التغيير المطلوب هو في السياسة الخارجية المتعلقة بالعراق وفلسطين، هذا المطلوب، أما المتوقع فهو 43 في المائة. وتأييد القاعدة مثل تأييد صدام حسين، فهو لم يكن إعجابا بنظامه السياسي بقدر ما هو إعجاب بتصديه للمشروع الأميركي في المنطقة. تماما كتأييد الخميني من قبل عندما رفع شعار الموت لأميركا الموت لإسرائيل.
في مسألة "أبو دجانة الخراساني" لو لم يكن ضمن ضحايا التفجير ضابط أردني لوجدت تعاطفا علنيا في الصحافة والرأي العام الأردنيين مع العملية النوعية للقاعدة التي قالت عنها الواشنطن بوست إنها تعادل خسارة لواء من الجيش. لكن وجود الضابط أعاد طرح الأسئلة الأساسية: هل يوجد تأييد للقاعدة؟ في المقابل هل يوجد تأييد للحرب عليها؟
في استطلاعات الرأي انخفض تأييد القاعدة بعد تفجيرات عمان. قبلها كان التأييد في الأردن بحسب استطلاع معهد بيو الأعلى في العالم إذ وصل إلى 60 في المئة. بعد التفجيرات انخفض بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية إلى حدود الثلاثين في المئة ( 32 في المائة اعتبروا تنظيم القاعدة الدولي مقاومة مشروعة و26 في المائة اعتبروه إرهابا و36 في المائة لا يعرفون). بالنتيجة ظلت فئة من الأردنيين تؤيد القاعدة، وهذه الفئة عرضة للتجنيد في أي لحظة.
ومع أن القاعدة وأعمالها مجرمة في القوانين الأردنية، إلا أن خوض حرب خارجية ضدها مسألة أخرى. وفي بيان الشخصيات الأردنية الثمانية والسبعين التي طالبت بسحب القوات الأردنية من أفغانستان مؤشر على وجود معارضة على هذه الوجهة سواء من ناحية دستورية أم من ناحية سياسية.
ومن الضروري أن نتذكر أن الدور العملياتي الاستخباري والعسكري مع الولايات المتحدة الأميركية ليس جديدا، ويعود إلى عقود خالية من أيام مواجهة الشيوعية وسواها، ومع القاعدة علينا أن نتذكر أن مصطلح "الأفغان الأردنيين" ظهر في مطلع التسعينيات. وللتاريخ استهدف أول تفجير انتحاري في العراق السفارة الأردنية، وبالمناسبة المتهم فيه أردني وقد أيدت التمييز حكم الإعدام بحقه. هذا الدور لم يكن مجانيا، بل ترجم بشكل تحالف استراتيجي عبر عنه بمساعدات اقتصادية وعسكرية وسياسية.
لسنا دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وحدود التعاون مع الولايات المتحدة يجب أن تكون معلنة وشفافة. فالمسألة لها علاقة بأرواح الناس بذلا لها وحماية لها. فلا مجال للتسابق على أفغانستان سواء لقتال القاعدة أو القتال معها.
الغد