نحو حل عالمي لمواجهة الكورونا (رسالة الملك نموذجا)
أ.د. أمل نصير
05-04-2020 03:29 PM
نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية مقالة مشتركة لجلالة الملك عبد الله الثاني مع عدد من قادة العالم دعوا فيها إلى ضرورة تأطير العمل الجماعي، واستنهاض الهمم لتوحيد الجهود العالمية لمواجهة الكورونا واحتوائها. ولما كان هذا الفيروس لا يعرف الحدود، ولا الجنسية ولا اللون، ولا مستوى معيشة الدول من فقر أو غنى، " فإن تهديده أيضا عالمي يتعدى الحدود والأعراق والعقائد، وبالتالي، فهو يحتاج جهدا وخططا مماثلة لمواجهته. "
تعد رسالة جلالة الملك مع هؤلاء القادة خطة عمل لمواجهة فيروس كوورنا، فقد أكدوا الآليات التي يمكن بواسطتها "احتواء الفيروس، والتصدي له بفاعلية بواسطة تبادل المعرفة بين الدول، وتعاونها فيما بينها للقضاء على هذا العدو المشترك للإنسانية جمعاء؛ وذلك بهدم الحواجز التي تعيق تبادل المعرفة والتعاون".
أشاد جلالة الملك والقادة بجهود الذين يعملون حول العالم بجد وحرص لإنقاذ الأرواح والاستمرار بتوفير خدمات لا غنى عنها، قائلين: "هؤلاء الأشخاص يمنحوننا الأمل والإلهام بأن مجتمعاتنا لن تتجاوز هذه الأزمة فحسب، بل ستصبح أقوى وأكثر ترابطا ببعضها البعض".
وأكد القادة أنه لا يمكن كسب هذه الحرب إلا بحشد ما تملكه البشرية من إمكانيات في بلاد العالم جميعها اذ لا يمكن لبلد واحد، أو لبعض البلدان، أن تنتصر على الفيروس وحدها، لأن كل بلد لديه ما يمكنه المساهمة به، دون النظر إلى حجم البلد الاقتصادي أو المساحة الجغرافية أو عدد السكان...
فالتوصل إلى حل عالمي يصب في مصلحة الجميع". ومن الخطوات المهمة التي يتوجب اتباعها لمواجهة كورنا:
١_تسريع البحث العلمي، وتعزيز تمويله لتعزيز قدرة العالم على مقاومة الأمراض المعدية بواسطة الوصول إلى علاجات ولقاحات، وزيادة إنتاج أدوات الاختبار، والكشف عن الفيروسات، والمعدات الطبية الضرورية، وضمان عدالة شرائها وتوزيعها.
٢_ التوزيع العادل للعلاجات واللقاحات المستقبلية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إيصالها للفئات السكانية المعرضة للخطر مثل اللاجئين.
٣_ التركيز على مزايا الاستجابة العالمية المستندة إلى التعاون في مواجهة الأزمة، نموذجا مثاليا للمنفعة العامة.
4- التحضير لمرحلة ما بعد الكورونا والتي لا تقل أهمية عن الوضع الحالي لا سيما في المجال الاقتصادي.
لقد أعرب هؤلاء القادة عن ثقتهم في قدرة الإبداع الإنساني على النجاح، داعين إلى التضامن لإنقاذ حياة الناس، وبناء مستقبل أفضل.
لقد ثبت اليوم أنه لا يمكن لأي بلد أن يتجنب هذا الوباء، بصرف النظر عن حجم اقتصاده وإمكانياته وتقدمه التكنولوجي، "فنحن كلنا سواسية أمام هذا الفيروس، وعلينا أن نعمل معا للتغلب عليه".
الدعوة إلى التمسك بالحياة أفضل من الاستسلام للفيروس، وانتظار الموت، وهو ما كان في الأردن، وأعلنته قيادتها رغم شح الإمكانيات مقارنة بدول عظمى؛ إننا في هذه الظروف نحتاج إلى قيادات غير تقليدية تصنع الحياة، وتقود العالم إلى النجاة طالما أن القيادات التقليدية في دول كثيرة أبدعت في صناعة الموت قولا وفعلا، فقد عملت على تصنيع الأسلحة التي تفتك بالبشر أكثر من اهتمامها بتصنيع اللقاحات والأدوية وأسرّة المستشفيات،... ودول أخرى سخرت جلّ مقدراتها الاقتصادية لشراء هذه الأسلحة وتخزينها، وإذا ما استخدمتها، فإنها تكون في قتل شعوبها أو جيرانها، وهذه الدول جميعا مع كل ما تمتلكه من مال وسلاح تقف عاجزة اليوم أمام عدو غير مرئي في معركة مفتوحة لا أحد يعرف نهايتها ولا كلفتها، ولعل وداع الأحبة هو شعارها، وانتظار الموت هو جل عملها، والتضحية بكبار السن هو هدفها.
إن القائد الحقيقي في هذه الظروف هو القادر على إدارة الأزمة في بلده، وبناء المستقبل لشعبه وللإنسانية جمعاء.