دور المتطوعين في الازمات والكوارث (نادي الدفع الرباعي الاردني انموذجا)
اللواء المتقاعد د.مروان السميعات
05-04-2020 02:11 PM
يتسم العالم اليوم بالاضطراب والتغير ويواجه الكثير من الازمات والكوارث سواء الطبيعية منها او الناتجة عن النشاط البشري. واصبحنا نلمس آثارها التي تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب الكثافة السكانية العالية والتجمعات الصناعية والتجارية، والتجمع الكبير للنشاطات البشرية في أماكن محددة اضافة الى التطور العلمي والتكنولوجي. وإن تواتر الحوادث والكوارث وطبيعتها الفجائية والمعقدة تحتم علينا في اطار ادارة الازمات الناتجه عنها ان نلتفت الى أهمية تمكين المجتمعات لتاخذ دورها مع أجهزة الدولة المختلفة من خلال قيام اجهزة الدولة بالاستفادة القصوى من جميع المصادر والموارد لا سيما البشرية منها, وفي هذا الاطار يتم النظر إلى الجانب التطوعي في المجتمع بعين من الأهمية أثناء وقوع الكوارث والازمات. والتطوع في كلمات بسيطة هو القيام بأعمال صالحة زيادة على الواجبات والمهام (كل شخص يتقدم باختياره أو بناءً على دعوة المجلس الأعلى للدفاع المدني للمشاركة في أعمال الدفاع المدني) والتطوع ليس وليد الأمس وإنما هو عمل إنساني تدفع إليه الغريزة الإنسانية في المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور، ويهدف إلى تقديم المساعدة إلى الأشخاص الذين يحتاجونها مهما كان عرقهم او دينهم او جنسيتهم.
ويصنف التطوع بحسب مفهوم الحماية المدنية ( الدفاع المدني ) الى ثلاثة انواع :
تطوع عامة الناس بطريقة تلقائية إثر وقوع حادثة أو كارثة بغض النظر عن تخصصاتهم المهنية وذلك من خلال مشاركتهم في عمليات لا تتطلب معرفة متخصصة أو متميزة في مجال إدارة الكارثة وغالباً ما تكون مشاركة المتطوعين في عمليات إطفاء الحرائق ( المنزلية أو في الغابات ) وعمليات الإنقاذ خلال الزلازل والفيضانات وتقديم المعونة للمتضررين بتوفير الماء والطعام والملابس ... الخ .
والتطوع التقني الفني للمختصين والخبراء: وهو ان يضع الاشخاص الذين تتوفر لديهم المعرفة العلمية أو التقنية أو المهنية المختلفة والتي تتعلق بعضها بمجال المخاطر والكوارث معارفهم وقدراتهم طوعا رهن إشارة الأجهزة الحكومية حتى وان لم يكونوا جزءا من الأجهزة الرسمية المكلفة بإدارة الكوارث.
والتطوع المادي: ويخص والمؤسسات والجمعيات والأشخاص الذين يقدمون إمكانياتهم المادية الخاصة كوسائل الاتصال والنقل والإيواء ... وغير ذلك.
أهداف العمل التطوعي:
1. بث روح الوعي والانتماء بين المواطنين وإحساسهم بخدمة الوطن وحاجة الآخرين إليهم.
2. تعميق الوعي الوقائي لدى كل أسرة وكل مواطن.
3. إيجاد الفرق التطوعية المدربة والمنظمة للاعتماد عليها إلى جانب فرق الدفاع المدني النظامية في الحالات الطارئة.
4. الاستعانة بالمتطوعين في أعمال الإغاثة إلى جانب رجال الدفاع المدني.
5. إظهار الدور الإنساني الذي يقوم به الدفاع المدني من خلال المساهمة في عمليات التطوع .
الاستفادة من المتطوعين في رفع الروح المعنوية ومنع الإشاعات أثناء الكوارث العامة.
أهمية التطوع في الازمات والكوارث:
يعد التطوع خلال الكارثة او الازمة من العوامل الهامة في عملية إدارة الكارثة وبخاصة في الكوارث الكبرى والتي تخلف خسائر جسيمة على المستوين البشري والمادي والتي بحكم حجمها غالباً ما تعيق الجهود التي يتم بذلها من الجهات الرسمية للسيطرة على آثارها. وهنا تظهر أهمية الاستعانة بالمتطوعين من مختلف القطاعات والتخصصات للمساعدة في مختلف العمليات كالإغاثة والنقل والإيواء وتقديم الإسعافات والمساعدات الاجتماعية الضرورية. وللاستفادة من الخدمات التطوعية بشكل جيد يستوجب العمل على تنظيم المتطوعين من قبل الجهات المعنية بإدارة الكوارث والازمات وتوظيف مواهبهم وقدراتهم لخدمة العمل التطوعي وبشكل عقلاني. كذلك ضرورة تزويدهم بالمعدات التي تهدف إلى حمايتهم من مختلف الأخطار التي تفرضها عمليات الإغاثة والإنقاذ بصفة عامة حيث ان عملية التدخل من خلال المتطوع في عمليات الإغاثة قد تضع المتطوع في مجابهة أخطار جسيمة, كونهم يقدمون خدماتهم الإنسانية بشكل تلقائي غير مبالين بالأخطار التي قد يتعرضون إليها أثناء ذلك.
التجربة الأردنية لمتطوعي الدفاع المدني / نادي الدفع الرباعي الاردني:
من أجل تنظيم أعمال التطوع فقد حدد قانون الدفاع المدني رقم (18) لعام 1999 والقانون المعدل رقم ( 57 ) لعام 2002م وقانون الامن العام الجديد لعام 2019 الأهداف والشروط والواجبات والتشكيلات المختلفة للمتطوعين. ولضمان فعالية وجاهزية المتطوع وحصوله على الإعداد والتجهيز والتنظيم المناسب حتى يكون مسانداً فعالاً للدفاع المدني النظامي في الظروف والحالات الطارئة فقد تم الإشراف على تنظيم المتطوعين وتدريبهم على أعمال الدفاع المدني من قبل مديرية الدفاع المدني كما تم إضفاء الصفة القانونية لأعمال الدفاع المدني التطوعي في كافة الظروف والأوقات وذالك بناءا على تعليمات متطوعي الدفاع المدني. وانيط بمتطوعي الدفاع المدني الواجبات والمهام التالية:
1. إخماد الحرائق البسيطة وحصر الحرائق الكبيرة ومكافحتها حتى حضور الدفاع المدني.
2. إرشاد سيارات الإطفاء في موقع الحريق والمساعدة في عمليات الإطفاء.
3. إجراء الإسعافات الأولية للمصابين.
4. إنقاذ وإخلاء المصابين وإزالة الأنقاض والمساهمة في إعادة الإعمار وإصلاح المرافق العامة.
5. المشاركة في عمليات الإخلاء والإيواء والإغاثة.
6. توعية المواطنين بأمور الدفاع المدني والتأكد من تنفيذهم لتعليمات وأوامر الدفاع المدني.
7. الكشف على مواقع الحوادث وإخبار القيادات في المراكز والقطاعات والمناطق.
8. المساهمة في إرشاد المواطنين إلى المناطق الآمنة وإنذارهم من الأخطار في الحالات الطارئة.
9. أن يلم المتطوع بالحدود الإدارية للمنطقة التي يعمل بها من حيث أماكن تواجد المواد الخطرة، مراكز الإسعاف، المستشفيات، المنشآت العامة، الملاجئ، عناوين الأطباء وغيرها.
10. الالتحاق الفوري بمركز عمله وقيامه بواجباته بمجرد الإعلان عن الكارثة.
وقد قام الدفاع المدني وبناء" على تعليمات متطوعي الدفاع المدني بتنفيذ مشروع المتطوعين بالتعاون مع الوكالة الألمانية للمساعدات التقنية (THW) والذي شمل خمس محافظات حيث تم اختيار نادي الدفع الرباعي الأردني ليكون نموذجا للعمل التطوعي بالاردن وذالك كونه يقوم بمهام انسانية اثناء المنخفضات الجوية والحالات الطارئة جنبا الى جنبا مع جهاز الدفاع المدني, علما بانه قد تأسس رسميا في شهر كانون الثاني عام 2013 كجمعية تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية و تتبع لوزارة الداخلية التي تشرف عليها, ويراس مجلس أمناء النادي العين حسين المجالي وزير الداخلية الاسبق.
دور نادي الدفع الرباعي الاردني (فزعة وطن) في ازمة كورونا.
ايمانا بالواجب الوطني للمساهمة في العمل الانساني وتقديم خدمات التطوع للمواطنين والاجهزة الحكومية نظرا لانتشار فيروس كورونا المستجد في الاردن والعالم. قامت ادارة النادي بالتنسيق مع عدة جهات تطوع للاسناد وهي: متطوعوا الدفاع المدني / نادي الدفع الرباعي الاردني, فريق الدفع الرباعي الشركسي, مبادرة حب الاردن, وفريق اطباء من اجل أردن اكثر صحة. كما تم فتح غرفة عمليات خاصة للنادي في مجمع الملك حسين للأعمال بهدف وضع كافة امكانياته وخبراته في الخدمة العامة ووذلك بالتنسيق مع القوات المسلحة ووزارة الصحة ووكالة اليونسيف والدفاع المدني والجهات المعنية. وفي هذا الاطار تم اخذ التصاريح من قبل الجهات الامنية والصحية للمتطوعين وعددهم 231 متطوعا, وتزويد المتطوعين بالتجهيزات الوقائية اللازمة. كما تم تجهيز (231) الية من اليات الدفع الرباعي والصالون. ويتم توخي كافة الاجراءات الوقائية والصحية من تعقيم السيارة من الداخل والخارج بالإضافة الى الأشخاص قبل البدء وبعد الإنتهاء من الواجب والتزود بالوقود بعد أخذ أمر الواجب من غرفة العمليات.
ويقوم النادي بالتعامل مع الحالات المختلفة من خلال عمله مع الجهات التالية: المركز الوطني للأمن وادارة الأزمات, الدفاع المدني, وزارة الصحة, مؤسسة ولي العهد المعظم, اليونيسف, مركز الحسين للسرطان, الجمعيات الخيرية, فريق أطباء بادارة الدكتور سلطان سعد جابر, برنامج حب الأردن, كذلك من خلال رصد الحالات عبر منصات التواصل الأجتماعي, وهاتف نادي الدفع الرباعي الأردني / متطوعي الدفاع المدني, ومبادرة من أجل أردن أكثر صحة.
وقد بلغ عدد الحالات التي تعامل معها النادي خلال الفترة ما بين 20 الى 29 من شهر اذار الماضي وخلال فترة حظر التجول الناتج عن ازمة كورونا (3688) حالة بإستخدام 189 مركبة في النادي. بينما بلغ مجمل عدد الحالات الطبية وغيرها التي تم التعامل والانتهاء منها من خلال استخدام (231) مركبة حتى نهاية يوم 30 من نفس الشهر (22147) حالة. كما وورد الى النادي كإستشارات وإستفسارات وطلبات مساعدة من الأطباء وغرفة العمليات خلال نفس الفترة حوالي (17055) مكالمة.
وقد شملت المجالات التي قدم فيها النادي خدماته التطوعية ما يلي:
1. التبرعات لحالات انسانية (تبرعات مالية / عينية / مواد أساسية).
2. تأمين توصيل المرضى من مركز الحسين للسرطان، المدينة الطبية والمستشفيات الى منازلهم.
3. المساهمة في توزيع طرود الخير.
4. نقل أطباء وزارة الصحة للقيام بواجباتهم للحالات التي لا تحتاج مستشفيات.
5. تخصيص مجموعة من 5 أشخاص لوزارة الصحة لكبار الشخصيات.
6. صرف أدوية من المراكز الصحية والمستشفيات للغير القادرين على التحرك أما للعجز، كبر السن، أو حظر التجول او عدم توفر القدرة المالية.
7. توصيل المواطنين اللذين تقطعت بهم السبل.
8. تأمين وتوصيل المواد الغذائية والأدوية المجانية الى منازل المواطنين المسنين وسكان المناطق الحديثة والناشئة دون خدمات.