تأثير كورونا على الاقتصاد العالمي
د. خلف ياسين الزيود
05-04-2020 09:51 AM
إن تأثير هذا الفيروس لاحقا هو حالة الهلع التي سينتجها في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب تراجع الحركة التجارية العالمية ما بين الدول وكذلك تراجع القطاع الصناعي والسياحي وتوقف الإنتاج في كثير من القطاعات بسبب الحجر المفروض على كثير من الدول.
أما ما يخص أسواق المال العالمية وهي القطاعات التي لا تتحمل الخوف أو الهلع أو عدم الوضوح فإنها ستمنى بخسائر ذات حجم كبير مما يؤثر سلباً على هذه الأسواق وعلى الأفراد معاً.
إضافةً الى ذلك فإننا نرى الآن تراجع في الطلب على النفط بسبب توقف حركة الحياة في كثير من الدول وفي جميع مناحي الحياة مما سيؤثر على الأسواق المالية وقطاع الطاقة، مما يدفع كثير من الدول والمؤسسات العالمية الى عدم الوفاء بسداد ديونها والتزاماتها وقد يبدأ البعض بسحب الأموال من سوق السندات.
هذا كله سيؤدي الى أزمة اقتصادية كبيرة لا يمكن للعالم تحملها أو التعامل معها ولن تفيد كل الخطط والسبل لتجاوز هذه الأزمة.
أما من الجانب السياسي الذي يرتبط بشكل مباشر بالاقتصاد فإن بعض السياسات الدولية والتي تمارس سياسة تجارية غير عادلة والتي تؤدي الى مناكفات في رفع رسوم جمركية عالية تناكف بعضها البعض، هذا يضاف الى الأسباب السابقة في زيادة الهلع وعدم استقرار الاقتصاد العالمي وستؤثر سلباً على النمو العالمي وسيدفع ثمنها كل العالم وبالأخص الدول العظمى (كما تسمى).
اذا لا يمكن أن يستمر الاقتصاد العالمي أو أن يتحمل هذا الوضع لإن كثير من الدول الكبرى أصبح لديها عجز سنوي قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي وهذا ما لم تسمح به السياسة العالمية وستقوم الدولة الأكثر تأثراً بخلق وصناعة حالة جديدة قد تصل الى الحرب لكي تعيد ترتيب الأدوار في العالم وإنقاذ اقتصادها.
وحسب هذه النتيجة سيكون هنالك نهوض كبير في الاقتصاد العالمي وسيبدأ من كل الدول خصوصاً تلك الدول التي دمرها الاتفاق السياسي العالمي، ومن جانب آخر ستظهر قوى اقتصادية جديدة مثل الهند وإندونيسيا وغيرها، وسيزداد تأثير ونفوذ الصين في العالم وخصوصاً في المنطقة الأفريقية.
إن الحرب الاقتصادية دائماً تقوم على أساس الصراع والنفوذ الاقتصادي ومصادر الطاقة والمياه، فهذه السياسات للدول التي تفضي الى حربٍ اقتصاديه تتمثل في إغراق الدول بالديون والفوائد افتعال وخلق أزمات في كثير من أنحاء العالم؛ توسيع مظلة التبعية الاقتصادية، إضافةً الى الحماية العسكرية من قبل دول لدولٍ أخرى لا تمتلك القوة الكافية للدفاع عن نفسها مثلما يحدث في كثير من دول الشرق الأوسط.
وبالمقابل فإن الدول التي ستصنع هذه الحرب ستجني قوة في ميزان المدفوعات وقوة في عملتها وسيزدهر الإنتاج لديها ويتوسع السوق الداخلي ويزداد نموه.
وسيكتشف العالم أن هذه الحروب سيسيطر عليها التطور التكنولوجي الذي لا يملكه إلا القليل من الدول.
إن فيروس كورونا قد يكون هو سبباً في نهاية نظام العولمة، فعندما ظهر هذا المرض في مدينة بالصين مرض العالم كله وتفشى هذا الفيروس في كل أنحاء المعمورة، وعند ذلك ليس هنالك أي دولة مستفيدة بل كل اقتصاد دولة سيتأثر وسيتراجع لكن هل يمكن لهذا الفيروس أن يكون سبباً بصياغة نظام عالمي جديد؛ عولمة قائمة على الإنسانية وليس على الإنتاجية مفهوماً يخاطب العالم بنفس الظرف واللغة والزمن بأن الذي يصيب الصين يصيب كل إنسان في أي جزء في هذه المعمورة.
أتمنى أن يصاغ نموذج اقتصادي جديد بعد أن خضَّ هذا الفيروس العالم كله، نموذجاً جديداً يحمي البشرية كلها ليس عطفاُ ورحمةً بل لانه سيكون بصالح الجميع.
وهنا على المستوى الوطني اتمنى على الدولة ان تبدأ من الان وسريعاً الإعداد الى مابعد هذه الأزمة وإعادة حساب تقديراتها لنسبة النمو الإجمالية المتوقعة لكل القطاعات وتحضير وتحصين الاقتصاد الوطني بسياسات تتفق وتتلائم مع الظروف الحالية والمستقبلية، وذلك بإعادة الشراكة الحقيقية الواقعية مع القطاع الخاص والعمل كفريق وطني واحد من أجل حماية الإقتصاد الوطني والتخفيف من آثار هذه الأزمة على الجميع، الى جانب وضع خطط وآليات جديدة للبنوك بكل جوانبها لزيادة التسهيلات لتحريك عجلة الإقتصاد الوطني إلى جانب معالجة ثغرات سوق المال والبورصة.
أما على مستوى المسؤولية الإجتماعية لكل القطاعات فإنه يجب عليها تقدير هذه الظروف للموظفين وذلك بعدم تسريح الموظفين وإعطائهم الأمان الوظيفي.
كذلك لابد من زيادة الإستثمار برأس المال البشري والتحول الرقمي التدريجي وإعادة التركيز على تمكين الشباب و المرأة لتوطين التنمية المحلية في جميع أنحاء هذا الوطن العظيم.